مجلة إشكالات في اللغة والأدب
مرحبا بزوار المنتدى وقراء مجلة [ إشكالات ].. نرجو منكم الانضمام إلى أعضائه والتواصل مع أسرة المجلة.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مجلة إشكالات في اللغة والأدب
مرحبا بزوار المنتدى وقراء مجلة [ إشكالات ].. نرجو منكم الانضمام إلى أعضائه والتواصل مع أسرة المجلة.
مجلة إشكالات في اللغة والأدب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المرأة في الخطاب الشعري الحماسي الجزائري الأمير عبد القادر أنموذجا

اذهب الى الأسفل

المرأة في الخطاب الشعري الحماسي الجزائري  الأمير عبد القادر أنموذجا Empty المرأة في الخطاب الشعري الحماسي الجزائري الأمير عبد القادر أنموذجا

مُساهمة  مدير المنتدى الخميس يناير 28, 2016 6:59 pm

المرأة في الخطاب الشعري الحماسي الجزائري
الأمير عبد القادر أنموذجا

د. آمنة بن منصور
المركز الجامعي بعين تموشنت

ملخص:
[تجربة الأمير عبد القادر الشعرية ضاربة في التاريخ، وحضور المرأة في شعره واضح وجلي بل لا تكاد تخلو قصيدة من ذكرها، من ذكر زوجته أم البنين التي حصر وجمع كل النساء فيها، فكيف تجتمع القوة والقد اللطيف؟ وكيف يجاور السيف الغصن الرطيب؟ لا يكون هذا إلا في شعر فارس يضع صارمه في قلب خصمه، وبيده الأخرى يمسح دمع زوجه، وقلما تجتمع الصفتان في رجل واحد.]

Summary
] Emir Abdelkader’s poetic experience is rooted in history, and the presence of woman in his poems is clear and obvious, there is almost no poem devoidof mentioning her, and mentioning his wife, ‘mother of children’ in which he collects all women, so howcan forcemeet with tenderness? And how cansword meet wet leaf? This can only exist in a poetry ofa knight whoputs his sword in the heart of his opponent, and his other hand wipehis wife‘s tears, these qualities rarely meet in one man.[

تمهيد:
كان حضور المرأة في الشعر العربي القديم حضورا بارزا وقويا، وما المقدمات الطللية والغزلية إلا دليلا واضحا على المكانة التي شغلتها في حياة الرجل الجاهلي، فهي الزوجة والحبيبة والأم... هي ببساطة الملاذ الآمن الذي يقصده كلما عصفت به أزمات الدهر، وما فتئ يذكرها في حله وترحاله، في ساعات صفائه وكدره، في سلمه وفي حربه، واعجب حين يذكرها ويستحضرها والسيوف نواهل كما فعل عنترة وفعل بعده شعراء كثر، فالمرأة عند العربي حاضرة وإن غابت وليس بالضرورة أن تكون في الخيام تداوي الجرحى أو تضرب على الخيول لتشجعه حتى يذكرها، يل قد تكون في بيتها آمنة ويستحضرها في أشد لحظات القتال، فكأنما هي الحياة التي يرومها، وكأنها هي جرعة الأمل التي ينشدها ...
وتجربة الأمير عبد القادر الشعرية ضاربة في التاريخ، وهي لا تقل عن تجربة عنترة وأبي فراس والمتنبي، فقد جمع بين الشعر والفروسية إلى جانب الأصل الطيب والنسب الشريف، وحضور المرأة في شعره واضح وجلي بل لا تكاد تخلو قصيدة من ذكرها، من ذكر زوجته أم البنون التي حصر وجمع كل النساء فيها، فكيف تجتمع القوة والقد اللطيف؟ وكيف يجاور السيف الغصن الرطيب؟ لا يكون هذا إلا في شعر فارس يضع صارمه في قلب خصمه، وبيده الأخرى يمسح دمع زوجه، وقلما تجتمع الصفتان في رجل واحد.
المرأة والحماسة في الجاهلية :
تحولت الجزيرة العربية في الجاهلية إلى ما يشبه ساحة حربية كبيرة، تقتتل فيها العشائر والقبائل، وفي كل جانب يتصايح الأبطال وتشهر السيوف وتلمع الرماح1، ولم تكن المرأة بمنأى عن تلك الأحداث، "فقد شاركت المرأة العربية الرجل في معظم أمور الحياة ومهامها، كما شاركته في الحروب، وكانت منهن المقاتلة الصامدة أو المحرضة الشجاعة."2
فحضور المرأة في الحرب أمر لابد منه، ليس لمداواة الجرحى فحسب بل ليصمد المقاتلون "من دونهن ذودا عنهن، وفي ذلك يقول عمرو بن كلثوم مفاخرا بنساء قومه :
على آثارنا بيض حسان *** نحاذر أن تقسم أو تهونا
إذا لم نحمهن فلا حيينا *** لشيء بعدهن ولا بقينا 3
فالمرأة إذن كانت سببا لاستبسال المقاتلين وصمودهم حتى لا يقعن في الأسر أو يلقين حتفهن، وهو أمر معيب عند العربي يأبى إلا أن يموت دونه. ولهذا ليس من الغريب ولا العجيب أن نجد الشعراء يقرنون ذكر السيوف بذكر الغواني، ووصف الحروب بوصف الحسان، وها هو عنترة يعلن لعبلة أنه " إنما يقاتل ويستبسل في القتال من أجلها، ودائما خيالها لا يبرح ذاكرته حتى في أحرج المواقف وأقسى الظروف "4، فيقول :
ولقد ذكرتك والسيوف نواهل *** وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها *** لمعت كبارق ثغرك المتبسم 5
ويقول في موضع آخر :
وحقك لازال ظهر الجواد *** مقيلي وسيفي ودرعي وسادي 6
المرأة والحماسة في الشعر الجزائري :
لم يختلف الشاعر الجزائري عن أقرانه وأسلافه المشارقة في جاهليتهم وإسلامهم، بل ربما هي الفطرة التي تجعل الرجل المحارب يستحضر صورة امرأته في أشد لحظات القتال، لتعطيه شحنة إضافية يتقوى بها في معاركه، يقول ابن رشيق محاكيا عنترة في أبياته السابقة الذكر:
ولقد ذكرتك في السفينـــــة والردى *** متوقع بتلاطـــــــــــــــــــم الأمواج
والجو يهطل والريـــــــــــــــــاح عواصف *** والليل مسود الذوائب داج
وعلت لأصحاب السفينة ضجة *** وأنا وذكرك في ألذ تناجي 7
وكأن الشاعر يتحدى غدر الإنسان وقهر الطبيعة، ويسمو بروحه من هذا العالم المادي المقيت إلى عالم الحب الذي تلتقي فيه أرواح المحبين فتنعم بلذة اللقاء ونشوة المناجاة .8
إن النفوس القوية وحدها من تستحضر صورة من تحب في لحظات لا يعرف المرء فيها أيخرج على قدميه أم محمولا في النعش، و"لعل الشعراء قد زاوجوا في حديثهم عن المرأة بين الحب والموت لأن الأول سبب للثاني، بمعنى أن تجربة الحب قد تؤدي إلى الموت وليس شرطا أن يكون هذا الموت جسديا، بل قد يكون موتا معنويا "9
المرأة والحماسة في شعر الأمير عبد القادر :
تجربة الأمير عبد القادر الشعرية تجربة مميزة، فقد نظم في أكثر وأشهر الأغراض التي نظم فيها الشعراء القدامى، وبخاصة في غرض الفخر والحماسة، "فالفروسية فروسيتان: فروسية العلم والبيان، وفروسية الرمي والطعان "10، وقد أثبت شاعريته التي لا تقل عن شاعرية عنترة والمتنبي وأبي فراس والمعتمد بن عباد... وغيرهم من أمراء الشعر والفروسية، شعراء جمعوا بين السيف والشعر والقلم إلى جانب رقة الإحساس .
ومن المعروف أن الفخر قد شغل الحيز الأكبر في ديوان الشعر عند العرب، ولعل مرد ذلك تميز الفرد العربي بالأنفة الطبيعية، الأمر الذي جعله ينظم كثيرا في هذا الباب على امتداد العصور.11و"إذا كان العربي كلفا بأن يشيد بمفاخره ويذيع محامده، فإنه كان كلفا أيضا بتوجيه الخطاب إلى المرأة – زوجته أو حبيبته – وإشهادها على هذه المفاخر.12
وكذلك فعل الأمير عبد القادر الذي قصر حبه على زوجته أم أولاده، "وقد تغزل بعض الشعراء في زوجاتهم لأنهم أحبوهن حبا حارا، كما يحب الرجل فتاة لا ينالها، فمثلا تغزل زهير بن أبي سلمى في زوجته أم أوفى"13، فقال:
أمن أم أوقى دمنة لم تكلم *** بحومانة الدراج فالمتثلم 14
وامرؤ القيس تغزل في زوجته أم جندب، فقال:
خليلي مرا بي على أم جندب *** لنقضي حاجات الفؤاد المعذب 15
وكذلك فعل المعتمد بن عباد، أحد ملوك وشعراء الأندلس، فقال:
فما حل خل من فؤاد خليله *** محل اعتماد من فؤاد محمــــد16
ونحن هنا لسنا بصدد ذكر الأشعار التي قالها الأمير عبد القادر في زوجه، فهي كثيرة وفيرة، ولكن ما يهمنا الوقوف على ذكره لها، وخطابه إياها في حروبه ضد المستعمر الفرنسي، وجدير بالذكر أن الشاعر لم يذكر اسم زوجته تصريحا، وربما يعود هذا لغيرة العربي الذي يأبى أن ينطق غيره اسم حظيته، أو ربما لأنها عادة الشاعر العربي أن ينادي المرأة بألقاب محببة، فمن " دلائل حبه وتقديره أنه كان يلقبها بألقاب فيها تكريم وإشعار بالعزازة "، ولعل أحب لقب للمرأة حين تخاطب أمومتها فيقال لها يا أم فلان، وهذا ما فعله الأمير عبد القادر الذي خاطب زوجته بأم البنين في أغلب أشعاره، ومنها قوله:
لكي تعلمي- أم البنين- بأنه *** فراقك نار واقترابك من الخلد17
وقوله:
جفاني من أم البنين خيال *** فقلبي جريح والدموع سجال 18
كما خاطبها في مواضع أخرى بابنة العم، فقال:
إذا ما الناس ترغب في كنوز *** فبنت العم مكتنزي وزادي 19
ومن جملة أشعار الأمير عبد القادر التي جمع فيها بين الحماسة وذكر الزوجة، قوله:
تسائلني أم البنين، وإنها *** لأعلم من تحت السماء بأحوالي 20
يتعجب الشاعر كيف تسأله زوجته وهي أعلم الناس به، وبأحواله، ثم يقول:
ألم تعلمي يا ربة الخدر أنني *** أجلي هموم القوم، في يوم تجوالي21 ؟
يجيبها الشاعر بأن همه إزاحة هموم الناس، وإن صادف ذلك يوم تجواله حيث يطلب الراحة والترويح عن النفس. وليزداد فخرها واعتزازها به، يخبرها بأنه الرجل الوحيد الذي تثق فيه النساء ولا تثق في أزاوجهن، تلك الثقة مردها قوة وشجاعة الأمير الذي يستحيل أن يفرط في عرضه ونساء قبيلته، إلا أن تدركه المنية في ساحة الوغى، يقول :
يثقن النساء بي حيثما كنت حاضرا *** ولا تثقن في زوجها ذات خلخال22
ثم يبادرها بأجوبة لأسئلة تسأله إياها، أو هو يريد أن تسأله، وتلك عادة الفارس إذا خاطب محبوبته، "وإنه ليتمادى في إشهادها على محامده تماديا، فيطلب منها أن تسائل المحاربين عن شجاعته لتزهى به، ويزهى بإعجابها "23 ، يقول :
وعني اسألي جيش الفرنسيس تعلمي *** بأن مناياهم بسيفي وعسالي24
ويطلب منها أن تسأل جيش العدو الفرنسي، الذي طالما حاربه وأرعبه، وأثخن فيه، ثم يضيف قائلا :
سلي الليل عني، كم شققت أديمه *** على ضامر الجنيين، معتدل عال
سلي البيد عني والمفاوز والربى *** وسهلا وحزنا، كم طويت بترحالي25
يفتخر الشاعر بأنه يشق ظلام الليل، ويخترق الفيافي والصحاري، ويجول السهول والهضاب، حتى أنه طوى الأرض طيا بجواده، غير آبه بإنسي أو جني، فإما يرجع منصورا، أو يموت معذورا.
ويختم الشاعر بتنبيهها إلى أنه المذكور حيا وميتا، يخشاه العدو في حياته كما يحسب له حسابا بعد وفاته*، يقول:
فلا تهزئي بي واعلمي أنني الذي *** أهاب، ولو أصبحت تحت الثرى بالي 26
وفي موضع آخر، يعقد مقارنة عجيبة بين صبره وبسالته في الحروب، ومقارعة الأعداء والسيوف، على حين أنه لا يطيق صبرا على بعاد أم البنين، يقول:
ومن عجب صبري لـــــــــــــــــكل كريهة *** وحملي أثقالا تجل عن العــــــــــــــــــــــــــــــــد
ولست أهاب البيض كلا ولا القنا *** بيوم تصير الهام للبيض كالغـــــــــــــــمد
ولا هالني زحف الصفوف وصوتها *** بيوم يشيب به الطفل فيه مع المراد
وقد هالني بل قد أفاض مـــــــــدامعي *** وأضنى فؤادي بل تعدى عن الحـد
فراق الذي أهواه كهلا ويـــــــــــــــــــــــافعا *** وقلبي خلي من سعاد ومن هنــد27
يتعجب الشاعر، وكذلك نحن، كيف يصبر على الكريهة، وأهوالها وأثقالها، وكيف يقف أمام زحف الصفوف والخطوب وقفة الرجل الذي لا يخشى الموت، ثم يتهاوى هذا الصرح العظيم، والجبل الشامخ أمام امرأة ضعيفة كل فعلته أنها أشهرت سلاح الفراق والبعد في وجه.
لا يكون هذا إلا من فارس شديد البأس، وكذلك كان عنترة وغيره، فما يبدو لبعضهم ضعفا هو القوة في حد ذاتها، فالجبان يرتعد أمام صوت السيوف، ويأبى إلا أن يموت حتف الأنوف، ثم يستقوي على النساء ويظن في ذلك القوة، أما الفارس العربي الأصيل فإنه يظهر بأسه في القتال والنزال، وحبه وعطفه لربات الحجال، تلك هي ثنائية القوة والضعف، وتلك هي السيمفونية التي لا يحسن عزفها إلا الفرسان الأشاوس من أمثال عنترة وأبي فراس والمعتمد بن عباد، وأميرنا الشاعر الفارس، الأمير عبد القادر.

الهوامش :
1- البطولة في الشعر العربي : شوقي ضيف : 17
2- المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها : عبد الله عفيفي: 1 : 113-114
3- البطولة في الشعر العربي : 23
4- نفسه : 27
5- ديوان عنترة بن شداد : 44
6- نفسه : 126
7- العمدة : ابن رشيق القيرواني : 55-56
8- صورة المرأة في الشعر الجزائري القديم : دحمان ميلودي : 36
9- نفسه : 82
10- الفروسية : أبو عبد الله شمس الدين : 157
11- ينظر : المبدعون في الشعر : سراج الدين محمد : 1 / قسم الفخر : 06
12- المرأة في الشعر الجاهلي : أحمد محمد الحوفي : 202
13- نفسه : 199
14- ديوان زهير بن أبي سلمى : 64
15- ديوان امرؤ القيس : 74
16- ديوان المعتمد بن عباد : 51
17- المرأة في الشعر الجاهلي : 200
18- ديوان الأمير عبد القادر الجزائري : 61
19- نفسه : 60
20- نفسه : 59
21- نفسه : 49
22- نفسه : ص ن
23- المرأة في الشعر الجاهلي : 203
24- ديوان الأمير عبد القادر : 49
25- نفسه : ص ن
26- نفسه : ص ن
*- لعل الشاعر يشبه نفسه بالمنصور بن أبي عامر الذي كانت له هيبة في حياته، وهابه أعداؤه بعد موته.
27- نفسه : 61

قائمة المصادر والمراجع :
- البطولة في الشعر العربي : شوقي ضيف، ط2، دار المعارف، القاهرة، دت
- ديوان الأمير عبد القادر، تح : العربي دحو، منشورات ثالة، 2007، الجزائر
- ديوان زهير بن أبي سلمى : شرح حمدو طماس، دار المعرفة، ط2، لبنان، 2005
- ديوان عنترة بن شداد : شرح أمين سعيد، المطبعة العربية، مصر
- ديوان : امرؤ القيس : شرح عبد الرحمن المسطاوي، دار المعرفة، ط2، بيروت، 2004
- ديوان المعتمد بن عباد، تح : رضا الحبيب السويسي، الدار التونسية للنشر، د ط، دت
- صورة المرأة في الشعر الجزائري القديم : دحمان ميلودي، رسالة ماجستير، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، 2009
- العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده : ابن رشيق القيرواني، تح : محمد محي الدين عبد الحميد، ط1، دار الطلائع، القاهرة، 2006
- الفروسية : أبو عبد الله شمس الدين، تح أبو عبيدة مشهور، دار الأندلس ط2، 1996
- المبدعون في الشعر : سراج الدين محمد، دار الراتب الجامعية، بيروت
- المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها : عبد الله عفيفي، دار الرائد، بيروت، ط2
- المرأة في الشعر الجاهلي : أحمد محمد الحوفي، دار الفكر العربي، ط2، القاهرة، د ت

مدير المنتدى
Admin

عدد المساهمات : 166
تاريخ التسجيل : 18/02/2012
الموقع : rihabalkalimah.cultureforum.net

https://ichkalat.forumalgerie.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى