مفهوم العلاقة والقرينة عند الأصوليين والبلاغيين
صفحة 1 من اصل 1
مفهوم العلاقة والقرينة عند الأصوليين والبلاغيين
مفهوم العلاقة والقرينة عند الأصوليين والبلاغيين
أ.عبد القادر بختي
المركز الجامعي لتامنغست
ملخص:
[لا يبتغي هذا المقال تحديد مفاهيم المجاز فحسب، بل يرمي إلى تحديد مفاهيم القرينة والعلاقة اللتين تحكمان المجاز وتميزانه أيضا، ومن خلال ذلك يعرف البحث بجملة من أنواع العلاقة مثل الضعيفة والقوية والكائنة بينهما، كما يعرف بأنواع القرينة مثل اللفظية والمعنوية والعقلية وغيرها، كل ذلك من وجهة نظر البلاغيين والأصوليين الذين بنوا للمجاز قواعد تميزه عن الكلام الحقيقي، وتتبعوا كلام العرب وما فيه من المعاني الخفية التي واراها المجاز، فاحتاجت إلى علم يكشف عنها، ويظهر قيمتها الفنية.]
لقد عرض الخطيب القزويني لمفهوم المجاز المفرد وعرفه بأنه: "الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له، في اصطلاح التخاطب، على وجه يصرح، مع قرينة عدم إرادته"( )، و"لابد من العلاقة ليخرج الغلط"( ).
وحدّه القرافى بأنه: "استعمال اللفظ في غير ما وضع له في العرف الذي وقع به التخاطب لعلاقة بينهما"( ).
وفي سياق التعريفين يقول أحد الدارسين معرفا المجاز إنه "استعمال اللفظ في غير الموضوع له في اصطلاح المتخاطبين لعلاقة وقرينة"( ).
وبالنظر في مضمون هذه التعاريف يتجلى للناظر فوائد كثيرة منها:
-1 أنها أدخلت المجاز اللغوي والعرفي والشرعي في مفهوم المجاز لتوظيفها عبارة "اصطلاح التخاطب".
فالمجاز اللغوي:
"هو استعمال اللفظ في غير المعنى الموضوع له لعلاقة وقرينة لغوية، كاستعمال الإنسان في الحيوان الناطق فقط، وكاستعمال الشرعي الصلاة في الدعاء"( ).
والمجاز العرفي الخاص:
"هو استعمال اللفظ في غير الموضوع له لمناسبة علاقة عرفية، خاصة، كاستعمال النحوي لفظ الحال فيما عليه الإنسان من خير أو شر"( ).
والمجاز العرفي العام:
"هو استعمال اللفظ في غير الموضوع له لمناسبة علاقة عرفية، عامة كاستعمال الدابة في الإنسان البليد"( ).
والمجاز الشرعي:
"هو استعمال اللفظ في غير معناه الموضوع له لعلاقة وقرينة شرعية كاستعمال اللغوي لفظ الصلاة في العبادة المخصوصة"( ).
"وعلى كل، فإن استعمال الكلمة في معنى خارج عما وضعت له، لا يسمى مجازا، بل لا يكتسب الشرعية في التعبير، إلا إذا ظهرت علاقة ما بين المعنى الأصلي الذي وضعت له الكلمة، والمعنى الآخر الذي استعملت الكلمة فيه"( ). فالعلاقة مؤشر يحدد نوع المجاز المعتبر.
-2 وهذا ما اشترطه الخطيب في قوله: "على وجه يصح" فإن فقدت العلاقة بين المنقول منه، والمنقول إليه، كان المنقول إليه وضعا ثانيا لا مجازا.
-3 أشارت التعاريف السابقة إلى القرينة المانعة، وكل من يورد القرينة المانعة تعريفه للمجاز من العلماء، فهو ينفي أن يراد باللفظ الحقيقة والمجاز معا.
وقد عرض العلماء لمفهوم العلاقة لما لها من أهمية قصوى في تحديد المعنى المجازي للفظ، ونسوق – بيانا لذلك – بعض أقوالهم:
-1 يقول الزمخشري: "وعلق بالمرأة وعلقها،ويقال: نظرة من ذي علق، أي من ذي علاقة، وهي الهوى... وأعلقت المصحف: جعلت له علاقة يعلق بها، ولفلان في هذا الأمر علقة وعلاقة ... ويقال: "أعلقت فأدرك: من أعلق الحابل إذا علق الصيد بحبالته... وعلقت المرأة: حبلت ... وعلقت به العلوق أي المنية ..." ( ).
-2 "والعلاقة بكسر العين يستعمل في المحسوسات، وبالفتح في المعاني، وفي الصحاح: العلاقة بالكسر: علاقة القوس والسوط، ونحوهما، وبالفتح، علاقة الخصومة والمحبة، ونحوهما، وشيء بسببه يستصحب الأول الثاني"( ).
-3 ويقول عضد الدين في معنى العلاقة لما عرض لشرح عبارة ابن الحاجب: "ولابد من العلاقة": "المجاز لابد فيه من العلاقة بينه وبين الحقيقة، وإلا فهو وضع جديد، أو غير مفيد، وهي اتصال ما للمعنى المستعمل فيه بالمعنى الموضوع له"( ).
-4 وعرفها سعد الدين التفتازاني فقال: "العلاقة تعلق ما للمعنى المجازي بالمعنى الحقيقي أعم من أن يكون اتصالا وانضماما بين الذاتين كما في المجاورة أو غيره كما في البواقي"( ).
-5 وهي عند ابن يعقوب المغربي: "ما أوجب المناسبة والمقاربة لصحة نقل اللفظ عن المعنى الأصلي إلى المعنى المجازي كالمشابهة في مجاز الاستعارة، وكالسببية والمسببية في المجاز المرسل"( ).
يلوح من خلال هذه التعاريف أن معنى العلاقة هو الارتباط بين الشيئين، والعلاقة بكسر العين، تستعمل في المحسوسات أو الماديات كعلاقة المصحف والسوط والقوس، وبالفتح في المعاني، وهو بهذا المعنى يلتقي مع المعنى الحقيقي بالمعنى المجازي، وتسوغ إطلاق أحدهما على الآخر، وقد عبر علي بن محمد الجرجاني عن هذا الارتباط بقوله: "وشيء بسببه يستصحب الأول الثاني"، وهذا الارتباط أو المناسبة لابد من أن يكون بملاحظة المتكلم له، فإن لم يلاحظه فلا علاقة، وإن كانت له مناسبة: "لأن العبرة بالوضع عند المتكلم باللفظ لا بالنسبة للسامع ل÷، فإن كان المتكلم باللفظ قد استعمله فيما وضع عنده كان الاستعمال حقيقة، سواء كان عند السامع كذلك، أولا، وإن كان المتكلم به قد استعمله في غير ما وضع له عنده كان الاستعمال مجازا،وإن كان عند السامع مستعملا فيما وضع له( ).
ترادف المجاز والاستعارة عند الأصوليين، وهي قسم من المجاز عند البلاغيين:
يرد المجاز والاستعارة بمعنى واحد، إذ يطلق أحدهما ويراد منه الآخر عند الأصوليين، "فإن المجاز عندهم إن كانت فيه علاقة التشبيه يسمى استعارة بأقسامها، وإن كانت علاقة غير التشبيه من علاقات الخمس والعشرين مثل السببية والمسببية، والحال والمحل، واللازم والملزوم وغيرها يسمى مجازا مرسالا"( ).
فـ "طريق المجاز وجود العلاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي بعلاقات المجاز المرسل، أو بعلاقة الاستعارة، والأول هو الصوري، والثاني هو المعنوي"( ).
والاتصال الصوري: "أن تكون صورة المعنى المجازي متصلة بصورة المعنى الحقيقي بنوع مجاورة بأن يكون سببا له، أو علة، أو شرطا، أو حالا، أو عكسها"( )، والاتصال المعنوي أن يكون المعنى الحقيقي والمعنى المجازي: "متشاركين في معنى واحد خاص مشهور به في العرف"( ).
ومثال الاتصال الصوري كـ: "تسمية المطر سماء"، فإنهم يقولون: مازلنا نطأ السماء حتى أتيناكم: أي: المطر لاتصال بينهما صورة، إذ كل عال عند العرب سماء، والمطر من السحاب ينزل، والسحاب عندهم سماء فسموه باسمه مجازا( ).
ومثال الاتصال المعنوي كـ: "تسمية الشجاع أسدا"، إذ الرجل الشجاع والهيكل المعلوم كلاهما متشاركان في معنى لازم مشهور مختص بالهيكل المعلوم، وهو الشجاعة أعنى الجرأة، فلا يسمى الرجل أسدا باعتبار الحيوانية لعدم الاختصاص، ولا الأنجر لعدم الشهرة، وإن كان البخر لازما للأسد( ).
وهذا المثال جار به التمثيل عند البلاغيين أيضا في المجاز الاستعاري. ولعل العلاقات كلها تتفرع عن أمرين ترجع إليهما وهما المجاورة والاتصال، وهذا ما عبر عنه سعد الدين التفتازاني بقوله: "بل لا يبعد أن يجعل المجاورة والاتصال شاملا للكل كما ذهب إليه بعض الأصوليين من أن جميع العلاقات منحصرة في الاتصال صورة أو معنى، واعلم أن الصفة الظاهرة المشترك فيها أعم من المحسوس والمعقول كما في استعارة الورد للخد، واستعارة الأسد للشجاع، وحينئذ يندرج فيها الشكل، فلا يصح جعل الاشتراك في الشكل قسما على حدة"( ).
وقد ذكر العز بن عبد السلام ثلاثة أنواع من العلاقة( ):
أولهما: العلاقة القوية:
وهي الارتباط، أو النسبة الظاهرة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي بحيث يكثر استعمالهما في كلام العرب، كعلاقة المسببية، كقول الرجل لامرأته: اعتدّي واستبرئى رحمك الله قاصدا بذلك الطلاق، فهذا مجاز ظاهر واضح لقوة علاقته، وهي أن الاستبراء والاعتداد مسببان عن الطلاق.
ثانيهما: العلاقة الضعيفة:
وهي الارتباط أو النسبة غير الظاهرة بين المعنى الحقيقي، والمعنى المجازي، بحيث لم تستعملها العرب كقول الزوج لامرأته: بارك الله فيك، أو أطعميني أو اسقيني، أو تنعمي قاصدا بذلك الطلاق، فلا ينفذ هذا الطلاق، لضعف علاقته، أي لا يترتب عن هذا المجاز حكم، فهو مجاز التعقيد، فلا يعمل بهذه العلاقة في نصوص الكتاب والسنة.
ثالثها: العلاقة الكائنة (الواقعة) بين الضعيفة والقوية:
وهذه العلاقة أقوى من العلاقة الضعيفة لذلك يصح أن يبنى عليها الحكم عند بعض العلماء، ولا يبنى عليها عند البعض الآخر لأنها دون العلاقة القوية، كقول الرجل لامرأته: أغناك الله، قاصدا بذلك الطلاق أخذا من قوله تعالى: (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ)( ).
وقد ناقش الأصوليون مسألة العلاقة بصيغة: هل يكفى وجود العلاقة؟ أم لابد من اعتبار العرب لها، أي: تستعملها؟
ونحاول أن نكتشف شيئا من طبيعتها من خلال الأقوال التالية:
-1 يقول البيضاوي: "شرط المجاز العلاقة المعتبر نوعها ..." ( ).
-2 ويقول أحد الشارحين: "والحاصل أن النقل واجب بالاتفاق في نوع العلاقة أعنى النوع الأصلي، وغير شرط بالاتفاق في مشخصات اللفظة الواحدة المستعملة مجازا في شخص بعينه، ومختلف فيه فيما عدا ذلك، وهو ما بين هاتين المرتبتين"( ).
-3 ويقول: "المجاز يحتاج إلى العلاقة ... فالعلاقة هي المجوزة للاستعمال .... فلابد في التجوز من العلاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي، ولا يكفى مجرد الاشتراك في أمرها، وإلا لجاز إطلاق كل شيء على ما عداه، فجنس العلاقة شرط بالإجماع، وشخصها ليس بشرط بالإجماع، فإذا رأيناهم أطلقوا الشجاع على رجل لم يحتج إلى إطلاقهم بالنسبة إلى آخر"( ).
-4 "فلابد أن تضع العرب نوع التجوز بالكل إلى الجزء، وبالسبب إلى المسبب وغيرهما من الأنواع، وأما وضعها التعبير بهذا الكل المعين أو التجوز بهذا المسبب المعين إلى هذا السبب فلا يشترطه أحد قطعا، ولم تزل الأدباء في الأعصار والأمصار يكتفون بمجرد العلاقة من غير فحص عن الوضع"( ).
-5 ويقول البدخشي: "ولا يشترط أن ينقل عن أهل اللغة أصل المجازات بأعيانها، بل يكفى العلاقة (المعتبر نوعها) عندهم في الإطلاق المجازي، وهي خمسة وعشرون نوعا"( ).
-6 ويقول ابن الحاجب: "ولا يشترط النقل في الآحاد على الأصح لنا أنه لو كان نقليا لتوقف أهل العربية عليه ولا يتوقفون، واستدل لو كان نقليا لما افتقر إلى النظر في العلاقة"( ).
-7 وشرح العضد قوله فقال: "أقول: بعد الاتفاق على وجوب العلاقة في المجاز هل يشترط في آحاد المجازات أن تنقل بأعيانها عن أهل اللغة، أم لا، بل يكتفي بالعلاقة، قد اختلف فيه، والمختار أنه لا يشترط، لنا أنه لو كان نقليا لتوقف أهل العربية في التجوز على النقل ضرورة، ومن استقرأ علم أنهم لا يتوقفون، وتستعمل مجازات متجددة لم تسمع من أهل اللغة ولا يخطئون صاحبه، ولذلك لم يدونوا المجازات "( ).
-8 وشرح الرهوني قول ابن الحاجب أيضا فقال: "أقول بعد الاتفاق على وجوب العلاقة في المجاز، وعلى اشتراط النقل في نوعها، مثلا: إذا لم ينقل عن أهل اللغة اعتبار اسم الكل في الجزء، لم يجز أن نطلقه عليه مجازا.
اختلف، هل يشترط في آحاد النوع أن ينقل إلينا عن أهل اللغة أم لا ويكتفى بالعلاقة في جواز التجوز وهو المختار"( ).
لقد نص البيضاوي في صراحة على وجود العلاقة في المجاز التي وصفها بالعلاقة المعتبرة، فأشار بهذا القيد "نوعها" إلى إطلاق الحرية في تخير العلاقة بين معنى حقيقي وآخر مجازي، وفي قوله هذا رد لمن قال: إن العلاقة يجب أن يكون العرب قد استعملوها بعينها، فلا يجوز لنا أن نستعمل علاقة لم تستعملها العرب، فاشترط النقل فيشخص المجاز بأن لا يستعمل إلا في الأمثلة الواردة عن العرب، فإنه لا يشترط إجماعا.
وابن الحاجب يقول باعتبار نوع العلاقة لا نفس العلاقة، والدليل على ذلك أن المجاز لو كان نقليا عن أهل اللغة لتوقف أهل العربية في التجوز على النقل ضرورة، وهم لا يتوقفون، ويستعملون مجازات متجددة لم تسمع عن أهل اللغة.
وكذلك أنهم لم يدونوا المجازات كما دونوا الحقيقة، وكذلك بأنه لو كانت نقليا لما افتقر إلى النظر في العلاقة، وعبر الآمدي عن هذه المسألة بصيغة: اللفظ المتواضع على استعماله، أو المستعمل في غير ما وضع له( ).
وحرر أحد العلماء الخلاف في مسألة العلاقة فقال: "لا خلاف بين العلماء في أن المجاز لابد له من علاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، فلا يجوز استعمال أي لفظ في أي معنى إلا لعلاقة، وإنما الخلاف بينهم في أنه هل يكفي أي علاقة، وإن لم يرد عن العرب استعمالهم المجاز بها، أو لابد من علاقة اعتبرها العرب باعتبار نوعها دون شخصها كعلاقة المجاورة أو الكلية والجزئية أو المشابهة ...الخ.
فذهب فريق منهم ابن الحاجب إلى أن المدار على وجود العلاقة، وإن لم يعتبرها العرب، وذهب فريق آخر إلى أنه لابد من علاقة اعتبرها العرب بالنوع دون الشخص، ثم ذكروا العلاقات التي ورد عن العرب اعتبارها في المجاز"( ).
والصواب الذي تؤيده كل الشواهد أن المجاز إنما يعتبر فيه الوضع النوعي لا الشخصي، فالعرب تكلموا بالمجاز كما تكلموا بالحقائق، وقد استجدت بعد عصر اللغة مجازات لا حصر لها، لأن المجاز قياسي لا سماعي يتوقف فيه على النقل.
وقد حظيت هذه المسألة برعاية خاصة عند الأصوليين، وهي تعد من أعمق مباحثهم في المجاز.
وكما احتاج المجاز إلى العلاقة: "يحتاج إلى ... القرينة ... الموجبة للحمل ... ولا خلاف في أنه لابد من القرينة، وإنما اختلفوا هل القرينة داخلة في مفهوم المجاز، وهو رأى البيانيين( )، أم شرط لصحته واعتباره، وهو رأى الأصوليين"( ).
وقد احتاج إلى البحث في القرينة – بصفة خاصة – فريقان من العلماء: علماء البيان، وعلماء أصول الفقه، ولقد تصدى الزمخشري لمعناها فقال: "قرن هو قرنه في السن، وقرنه في الحرب، القرن، بالفتح = مثلك في السن، وبالكسر = مثلك في الشجاعة، وهم أقرانه ... وهي قرينتها، وهن قرائنها، وقرن الشيء بالشيء فاقترن به، وقرن بينهما يقرن، وقرن بين الحج والعمرة قرانا ...، وأعطاه بعيرين من قرن وفي قران، وهو حبل يقرنان به.
... ومن المجاز : هي قرينة فلان: لامرأته، وهن قرائنه ... وكان ذلك في القرن الأول، وفي القرون الخالية، وهي الأمة المتقدمة على التي بعدها"( ).
ويقول علي بن محمد الجرجاني: "القرينة: بمعنى الفقرة، وفي اللغة: فعيلة، بمعنى المفاعل، مأخوذة من المقارنة، وفي الاصطلاح: أمر يشير إلى المطلوب"( ).
يبدو من خلال القولين أن القرينة في اللغة تأتي على وزن فعيلة، بمعنى المفاعلة، مأخوذة من المقارنة، أو الاقتران بمعنى الضم والمصاحبة والملازمة، ومنه قولهم لحليلة الرجل: قرينته، وللجيل الذي يعيش في زمن معين قرن، لأنهم متصاحبون ومتلازمون في الزمن، كما أن حليلة الرجل مقترنة به حسا ومعنى، ومصاحبة إياه، وملازمة له.
وتعنى في الاصطلاح: أمر يشير إلى المطلوب: أي ما بفهم منه المعنى المجازي أو غير المعنى الحقيقي.
والقرينة أنواع منها:
-1 القرائن اللفظية:
هي التي لها صورة في الكلام، قال الرازي: "وأما المقالية: فهي أن يذكر المتكلم عقيب ذلك الكلام ما يدل على أن المراد من الكلام الأول غير ما أشعر به ظاهره"( ).
ويقول كمال الدين ميثم البحراني: "وأما المجاز فلابد فيه من قرينة، إما مقالية تدل على المجاز مطابقة، كقول المتكلم: هذا المجاز، أو التزاما، كقوله: رأيت أسدا في يده سيف، فإن قرينة السيف في يده تستلزم إرادة الإنسان مجازا"( ).
-2 القرائن الحالية والمعنوية:
وهي اعتبارات ذهنية مجردة لا وجود لها في الهيئة اللفظية، وهي غير مضبوطة، يقول الرازي: "فإن قال قائل: "ما الفرق بين ... المجاز والكذب؟"، قلنا: الفارق هو القرينة، وهي قد تكون حالية، وقد تكون مقالية:
أما الحالية: فهي إذا علم أو أظن أن المتكلم لا يتكلم بالكذب، فيعلم أن المراد ليس هو الحقيقة، بل المجاز.
ومنها: أن يعلم بسبب خصوص الواقعة: أنه لم يكن للمتكلم داع إلى ذكر الحقيقة، فيعلم أن المراد هو المجاز"( ).
ويقول كمال الدين ميثم البحراني: "... حالية: كأن يحمل على القوم رجل شجاع، فتقول: إياكم والأسد، وقرائن الأحوال غير مضبوطة"( ).
والحق أن القارئ أو السامع لا يستطيع التجرد عن الملابسات المصاحبة للنص لأنها: "أضحت دلالات لا سبيل إلى التحرر منها"( )، ومنها قوله تعالى: (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) ( )، فقد دلت قرينة الحال أن المراد بصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
فقرائن الأحوال من إشارات ورموز وحركات وسوابق ولواحق لا تدخل تحت الحصر والتخمين، يختص بدركها المشاهد لها أو المطلع عليها، فينقلها المشاهد من الصحابة إلى التابعين، فقد يذكر الصحابة القرائن بألفاظ صريحة، أو ينقل النص مع قرائنه حتى توجب علما ضروريا بفهم المراد أو توجب ظنا( ).
فهذا النوع من القرينة ليس له عبارة موضوعة في اللغة تكون مع النص، ومثال قرائن الأحوال في الفقه الإسلامي مما له صلة باللغة .... سكوت البكر عند تزويجها فيدل على رضاها، بل جعل سكوت الرسول صلى الله عليه وسلم – عن شيء فعل بحضرته دليلا على إقراره له.
-3 القرينة الخارجية:
وهي موافقة أحد المعنيين لدليل منفصل من نص أو قياس أو عمل صحابة، أو موافقته لمقاصد الشريعة، ويمكن أن نسمى هذه القرينة بـ (القرينة الشرعية) ( ).
والقرينة الخارجية عن الكلام كقوله تعالى: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ) ( ). فإن سياق الكلام، وهو قوله (إِنَّا أَعْتَدْنَا) ( ). يخرجه عن أن يكون للتخيير( ).
-4 إحالة على دليل العقل:
كقوله تعالى: (وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) ( )،( )، فإن العقل يحيل اتصاف الله تعالى بالجارحة، فدل على أن المراد كمال القدرة والتمكن.
-5 قرينة العرف:
فقد قال الغزالي: "ومن أنس بتعارف أهل اللغة، واطلع على عرفهم علم أنهم لا يستريبون في أن من قال حرمت على الطعام والشراب أنه يريد الأكل دون النظر والمس، وإذا قال حرمت عليك هذا الثوب يريد اللبس، وإذا قال: حرمت عليك أنه يريد الوقاع، وهذا صريح عندهم مقطوع به"( ).
-6 قرينة ممثلة في ما يقع في نفس المجتهد:
من تأويل اللفظ، فإن المجتهد قد يعمل بما يقع في نفسه بكثرة عمله في النصوص، واطلاعه على الشريعة ومقاصدها، فمن أنس بكلام الشارع، واطلع على مقاصد الشريعة يحصل له من الشجية في تأويل النصوص ما يصح له أن يعمل بما وقع به في نفسه.
-7 قرائن الحس:
وقرائن الحس والمشاهدة هي الأحوال التي تصاحب المجاز من هيئة مادية، أو نفسية، فمن يقول: "أروانى الماء وأذهب عطشي، إن كان هذا القول صادرا ممن يحمل في يده مصحفا، أو شاهدنا في جبهته أثر السجود فهو متجوز في القول، فكان الحس والمشاهدة هما مصدر القرينة، أي: أرواني الله عند شرب الماء، وأذهب الله عطشي عند شربه"( ).
-8 القرينة التي تكون لمعنى في المتكلم:
فكقوله سبحانه وتعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ) ( ). فإنه سبحانه لا يأمر بالمعصية( ).
وظيفة القرينة:
لقد سلط الباحثون والدارسون من الأصوليين والبلاغيين بالغ اهتمامهم على وظيفة القرينة، وهي رفع الاحتمال في الدلالات وتعيين اللفظ للمعنى المراد منه عند المتكلم، أو رفع المعنى الوضعي للفظ، وقصره للدلالة على المعنى المجازي.
ولهذا فإنهم حين يعرفون المجاز بقولون: الكلمة المستعملة، أو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الوضعي، أو هو استعمال اللفظ.
فوظيفة القرينة المجازية: هي منع إرادة المعنى الأصلي ليزول اللبس من الكلام، والبيان يقتضي ذلك ويوجبه: "والمجازات لا تنفك عن القرائن الحالية والمقالية"( ).
مصادر القرينة:
القرينة لها عدة مصادر تنتزع منها، فتسمى القرينة باسم المصدر الذي تؤخذ منه، منها:
اللغة:
وذلك حين يستعمل اللفظ في معنى غير موضوع له، ويطرد استعماله فيه، من ذلك قول الوأواء الدمشقي:
فأسبلت لؤلؤا من نرجس وسقت وردا، وعضت على العناب بالبرد( ).
ففي البيت خمس مجازات (استعارات): للؤلؤ للدمع، والنرجس للعين، والورد للخد، والعناب للأصابع، والبرد للأسنان، وإنما كانت هذه مجازات، أو استعارات مجازية لأن اللغة لم تستعمل اللؤلؤ في الدمع، ولا النرجس في العين، ولا الورد في الخد، ولا العناب في الأصابع، ولا البرد في الأسنان، وإنما استعملت اللؤلؤ في المعدن الكريم، والنرجس في النبات المخصوص بهذا الاسم وكذا الورد والعناب.
فمصدر القرينة في هذا البيت هو اللغة، والقرينة على هذا لغوية.
الشرع:
ومن القرائن ما يكون مصدرها الشرع، كإسناد المجيء إلى الله والمجيء من صفات الحوادث، ويستلزم المكان، وإثبات اليد والقدم، والأصبع والكف، فمتى ورد شيء من ذلك دل الشرع على أن الكلام إنما هو مجاز لا حقيقة، والقرينة شرعية.
العقل:
وقد يكون مصدر بعض القرائن العقل، لا اللغة، ولا الشرع، كقولك: بنى الأمير المدينة، وليس في استطاعة رجل واحد أن يبنى مدينة، فوجب الصرف والتأويل من جهة العقل المانع إرادة الظاهرة، والمعنى: بنى البناة المدينة بأمر الأمير.
فمنزع القرينة هنا هو العقل، والقرينة فيه عقلية.
العادة والعرف:
وهذان مصدران من مصادر القرينة كذلك، كأن يقال: أكرم فلان الناس، وإكرام الناس، جميعا لا يدخل في مقدرة فرد واحد، فمصدر القرينة هنا هو العادة.
وإذا كان البيانيون يشترطون في قرينة المجاز أن تكون مانعة، فإن بعض الأصوليين لا يشترط هذا المنع قولا بالجمع بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي للفظ، وجمهور الأصوليين يرددون هذا المذهب.
والمجتهد يجتهد في تحصيل أعلى درجات الوضوح للنص حتى يحكم على المستخرج من النص حكما أقرب إلى الصواب، والبيان والوضوح لا يتحققان، إلا بالقرائن المانعة، أو غير المانعة على رأي آخر والعلائق المصححة.
الهوامش :
أ.عبد القادر بختي
المركز الجامعي لتامنغست
ملخص:
[لا يبتغي هذا المقال تحديد مفاهيم المجاز فحسب، بل يرمي إلى تحديد مفاهيم القرينة والعلاقة اللتين تحكمان المجاز وتميزانه أيضا، ومن خلال ذلك يعرف البحث بجملة من أنواع العلاقة مثل الضعيفة والقوية والكائنة بينهما، كما يعرف بأنواع القرينة مثل اللفظية والمعنوية والعقلية وغيرها، كل ذلك من وجهة نظر البلاغيين والأصوليين الذين بنوا للمجاز قواعد تميزه عن الكلام الحقيقي، وتتبعوا كلام العرب وما فيه من المعاني الخفية التي واراها المجاز، فاحتاجت إلى علم يكشف عنها، ويظهر قيمتها الفنية.]
لقد عرض الخطيب القزويني لمفهوم المجاز المفرد وعرفه بأنه: "الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له، في اصطلاح التخاطب، على وجه يصرح، مع قرينة عدم إرادته"( )، و"لابد من العلاقة ليخرج الغلط"( ).
وحدّه القرافى بأنه: "استعمال اللفظ في غير ما وضع له في العرف الذي وقع به التخاطب لعلاقة بينهما"( ).
وفي سياق التعريفين يقول أحد الدارسين معرفا المجاز إنه "استعمال اللفظ في غير الموضوع له في اصطلاح المتخاطبين لعلاقة وقرينة"( ).
وبالنظر في مضمون هذه التعاريف يتجلى للناظر فوائد كثيرة منها:
-1 أنها أدخلت المجاز اللغوي والعرفي والشرعي في مفهوم المجاز لتوظيفها عبارة "اصطلاح التخاطب".
فالمجاز اللغوي:
"هو استعمال اللفظ في غير المعنى الموضوع له لعلاقة وقرينة لغوية، كاستعمال الإنسان في الحيوان الناطق فقط، وكاستعمال الشرعي الصلاة في الدعاء"( ).
والمجاز العرفي الخاص:
"هو استعمال اللفظ في غير الموضوع له لمناسبة علاقة عرفية، خاصة، كاستعمال النحوي لفظ الحال فيما عليه الإنسان من خير أو شر"( ).
والمجاز العرفي العام:
"هو استعمال اللفظ في غير الموضوع له لمناسبة علاقة عرفية، عامة كاستعمال الدابة في الإنسان البليد"( ).
والمجاز الشرعي:
"هو استعمال اللفظ في غير معناه الموضوع له لعلاقة وقرينة شرعية كاستعمال اللغوي لفظ الصلاة في العبادة المخصوصة"( ).
"وعلى كل، فإن استعمال الكلمة في معنى خارج عما وضعت له، لا يسمى مجازا، بل لا يكتسب الشرعية في التعبير، إلا إذا ظهرت علاقة ما بين المعنى الأصلي الذي وضعت له الكلمة، والمعنى الآخر الذي استعملت الكلمة فيه"( ). فالعلاقة مؤشر يحدد نوع المجاز المعتبر.
-2 وهذا ما اشترطه الخطيب في قوله: "على وجه يصح" فإن فقدت العلاقة بين المنقول منه، والمنقول إليه، كان المنقول إليه وضعا ثانيا لا مجازا.
-3 أشارت التعاريف السابقة إلى القرينة المانعة، وكل من يورد القرينة المانعة تعريفه للمجاز من العلماء، فهو ينفي أن يراد باللفظ الحقيقة والمجاز معا.
وقد عرض العلماء لمفهوم العلاقة لما لها من أهمية قصوى في تحديد المعنى المجازي للفظ، ونسوق – بيانا لذلك – بعض أقوالهم:
-1 يقول الزمخشري: "وعلق بالمرأة وعلقها،ويقال: نظرة من ذي علق، أي من ذي علاقة، وهي الهوى... وأعلقت المصحف: جعلت له علاقة يعلق بها، ولفلان في هذا الأمر علقة وعلاقة ... ويقال: "أعلقت فأدرك: من أعلق الحابل إذا علق الصيد بحبالته... وعلقت المرأة: حبلت ... وعلقت به العلوق أي المنية ..." ( ).
-2 "والعلاقة بكسر العين يستعمل في المحسوسات، وبالفتح في المعاني، وفي الصحاح: العلاقة بالكسر: علاقة القوس والسوط، ونحوهما، وبالفتح، علاقة الخصومة والمحبة، ونحوهما، وشيء بسببه يستصحب الأول الثاني"( ).
-3 ويقول عضد الدين في معنى العلاقة لما عرض لشرح عبارة ابن الحاجب: "ولابد من العلاقة": "المجاز لابد فيه من العلاقة بينه وبين الحقيقة، وإلا فهو وضع جديد، أو غير مفيد، وهي اتصال ما للمعنى المستعمل فيه بالمعنى الموضوع له"( ).
-4 وعرفها سعد الدين التفتازاني فقال: "العلاقة تعلق ما للمعنى المجازي بالمعنى الحقيقي أعم من أن يكون اتصالا وانضماما بين الذاتين كما في المجاورة أو غيره كما في البواقي"( ).
-5 وهي عند ابن يعقوب المغربي: "ما أوجب المناسبة والمقاربة لصحة نقل اللفظ عن المعنى الأصلي إلى المعنى المجازي كالمشابهة في مجاز الاستعارة، وكالسببية والمسببية في المجاز المرسل"( ).
يلوح من خلال هذه التعاريف أن معنى العلاقة هو الارتباط بين الشيئين، والعلاقة بكسر العين، تستعمل في المحسوسات أو الماديات كعلاقة المصحف والسوط والقوس، وبالفتح في المعاني، وهو بهذا المعنى يلتقي مع المعنى الحقيقي بالمعنى المجازي، وتسوغ إطلاق أحدهما على الآخر، وقد عبر علي بن محمد الجرجاني عن هذا الارتباط بقوله: "وشيء بسببه يستصحب الأول الثاني"، وهذا الارتباط أو المناسبة لابد من أن يكون بملاحظة المتكلم له، فإن لم يلاحظه فلا علاقة، وإن كانت له مناسبة: "لأن العبرة بالوضع عند المتكلم باللفظ لا بالنسبة للسامع ل÷، فإن كان المتكلم باللفظ قد استعمله فيما وضع عنده كان الاستعمال حقيقة، سواء كان عند السامع كذلك، أولا، وإن كان المتكلم به قد استعمله في غير ما وضع له عنده كان الاستعمال مجازا،وإن كان عند السامع مستعملا فيما وضع له( ).
ترادف المجاز والاستعارة عند الأصوليين، وهي قسم من المجاز عند البلاغيين:
يرد المجاز والاستعارة بمعنى واحد، إذ يطلق أحدهما ويراد منه الآخر عند الأصوليين، "فإن المجاز عندهم إن كانت فيه علاقة التشبيه يسمى استعارة بأقسامها، وإن كانت علاقة غير التشبيه من علاقات الخمس والعشرين مثل السببية والمسببية، والحال والمحل، واللازم والملزوم وغيرها يسمى مجازا مرسالا"( ).
فـ "طريق المجاز وجود العلاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي بعلاقات المجاز المرسل، أو بعلاقة الاستعارة، والأول هو الصوري، والثاني هو المعنوي"( ).
والاتصال الصوري: "أن تكون صورة المعنى المجازي متصلة بصورة المعنى الحقيقي بنوع مجاورة بأن يكون سببا له، أو علة، أو شرطا، أو حالا، أو عكسها"( )، والاتصال المعنوي أن يكون المعنى الحقيقي والمعنى المجازي: "متشاركين في معنى واحد خاص مشهور به في العرف"( ).
ومثال الاتصال الصوري كـ: "تسمية المطر سماء"، فإنهم يقولون: مازلنا نطأ السماء حتى أتيناكم: أي: المطر لاتصال بينهما صورة، إذ كل عال عند العرب سماء، والمطر من السحاب ينزل، والسحاب عندهم سماء فسموه باسمه مجازا( ).
ومثال الاتصال المعنوي كـ: "تسمية الشجاع أسدا"، إذ الرجل الشجاع والهيكل المعلوم كلاهما متشاركان في معنى لازم مشهور مختص بالهيكل المعلوم، وهو الشجاعة أعنى الجرأة، فلا يسمى الرجل أسدا باعتبار الحيوانية لعدم الاختصاص، ولا الأنجر لعدم الشهرة، وإن كان البخر لازما للأسد( ).
وهذا المثال جار به التمثيل عند البلاغيين أيضا في المجاز الاستعاري. ولعل العلاقات كلها تتفرع عن أمرين ترجع إليهما وهما المجاورة والاتصال، وهذا ما عبر عنه سعد الدين التفتازاني بقوله: "بل لا يبعد أن يجعل المجاورة والاتصال شاملا للكل كما ذهب إليه بعض الأصوليين من أن جميع العلاقات منحصرة في الاتصال صورة أو معنى، واعلم أن الصفة الظاهرة المشترك فيها أعم من المحسوس والمعقول كما في استعارة الورد للخد، واستعارة الأسد للشجاع، وحينئذ يندرج فيها الشكل، فلا يصح جعل الاشتراك في الشكل قسما على حدة"( ).
وقد ذكر العز بن عبد السلام ثلاثة أنواع من العلاقة( ):
أولهما: العلاقة القوية:
وهي الارتباط، أو النسبة الظاهرة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي بحيث يكثر استعمالهما في كلام العرب، كعلاقة المسببية، كقول الرجل لامرأته: اعتدّي واستبرئى رحمك الله قاصدا بذلك الطلاق، فهذا مجاز ظاهر واضح لقوة علاقته، وهي أن الاستبراء والاعتداد مسببان عن الطلاق.
ثانيهما: العلاقة الضعيفة:
وهي الارتباط أو النسبة غير الظاهرة بين المعنى الحقيقي، والمعنى المجازي، بحيث لم تستعملها العرب كقول الزوج لامرأته: بارك الله فيك، أو أطعميني أو اسقيني، أو تنعمي قاصدا بذلك الطلاق، فلا ينفذ هذا الطلاق، لضعف علاقته، أي لا يترتب عن هذا المجاز حكم، فهو مجاز التعقيد، فلا يعمل بهذه العلاقة في نصوص الكتاب والسنة.
ثالثها: العلاقة الكائنة (الواقعة) بين الضعيفة والقوية:
وهذه العلاقة أقوى من العلاقة الضعيفة لذلك يصح أن يبنى عليها الحكم عند بعض العلماء، ولا يبنى عليها عند البعض الآخر لأنها دون العلاقة القوية، كقول الرجل لامرأته: أغناك الله، قاصدا بذلك الطلاق أخذا من قوله تعالى: (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ)( ).
وقد ناقش الأصوليون مسألة العلاقة بصيغة: هل يكفى وجود العلاقة؟ أم لابد من اعتبار العرب لها، أي: تستعملها؟
ونحاول أن نكتشف شيئا من طبيعتها من خلال الأقوال التالية:
-1 يقول البيضاوي: "شرط المجاز العلاقة المعتبر نوعها ..." ( ).
-2 ويقول أحد الشارحين: "والحاصل أن النقل واجب بالاتفاق في نوع العلاقة أعنى النوع الأصلي، وغير شرط بالاتفاق في مشخصات اللفظة الواحدة المستعملة مجازا في شخص بعينه، ومختلف فيه فيما عدا ذلك، وهو ما بين هاتين المرتبتين"( ).
-3 ويقول: "المجاز يحتاج إلى العلاقة ... فالعلاقة هي المجوزة للاستعمال .... فلابد في التجوز من العلاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي، ولا يكفى مجرد الاشتراك في أمرها، وإلا لجاز إطلاق كل شيء على ما عداه، فجنس العلاقة شرط بالإجماع، وشخصها ليس بشرط بالإجماع، فإذا رأيناهم أطلقوا الشجاع على رجل لم يحتج إلى إطلاقهم بالنسبة إلى آخر"( ).
-4 "فلابد أن تضع العرب نوع التجوز بالكل إلى الجزء، وبالسبب إلى المسبب وغيرهما من الأنواع، وأما وضعها التعبير بهذا الكل المعين أو التجوز بهذا المسبب المعين إلى هذا السبب فلا يشترطه أحد قطعا، ولم تزل الأدباء في الأعصار والأمصار يكتفون بمجرد العلاقة من غير فحص عن الوضع"( ).
-5 ويقول البدخشي: "ولا يشترط أن ينقل عن أهل اللغة أصل المجازات بأعيانها، بل يكفى العلاقة (المعتبر نوعها) عندهم في الإطلاق المجازي، وهي خمسة وعشرون نوعا"( ).
-6 ويقول ابن الحاجب: "ولا يشترط النقل في الآحاد على الأصح لنا أنه لو كان نقليا لتوقف أهل العربية عليه ولا يتوقفون، واستدل لو كان نقليا لما افتقر إلى النظر في العلاقة"( ).
-7 وشرح العضد قوله فقال: "أقول: بعد الاتفاق على وجوب العلاقة في المجاز هل يشترط في آحاد المجازات أن تنقل بأعيانها عن أهل اللغة، أم لا، بل يكتفي بالعلاقة، قد اختلف فيه، والمختار أنه لا يشترط، لنا أنه لو كان نقليا لتوقف أهل العربية في التجوز على النقل ضرورة، ومن استقرأ علم أنهم لا يتوقفون، وتستعمل مجازات متجددة لم تسمع من أهل اللغة ولا يخطئون صاحبه، ولذلك لم يدونوا المجازات "( ).
-8 وشرح الرهوني قول ابن الحاجب أيضا فقال: "أقول بعد الاتفاق على وجوب العلاقة في المجاز، وعلى اشتراط النقل في نوعها، مثلا: إذا لم ينقل عن أهل اللغة اعتبار اسم الكل في الجزء، لم يجز أن نطلقه عليه مجازا.
اختلف، هل يشترط في آحاد النوع أن ينقل إلينا عن أهل اللغة أم لا ويكتفى بالعلاقة في جواز التجوز وهو المختار"( ).
لقد نص البيضاوي في صراحة على وجود العلاقة في المجاز التي وصفها بالعلاقة المعتبرة، فأشار بهذا القيد "نوعها" إلى إطلاق الحرية في تخير العلاقة بين معنى حقيقي وآخر مجازي، وفي قوله هذا رد لمن قال: إن العلاقة يجب أن يكون العرب قد استعملوها بعينها، فلا يجوز لنا أن نستعمل علاقة لم تستعملها العرب، فاشترط النقل فيشخص المجاز بأن لا يستعمل إلا في الأمثلة الواردة عن العرب، فإنه لا يشترط إجماعا.
وابن الحاجب يقول باعتبار نوع العلاقة لا نفس العلاقة، والدليل على ذلك أن المجاز لو كان نقليا عن أهل اللغة لتوقف أهل العربية في التجوز على النقل ضرورة، وهم لا يتوقفون، ويستعملون مجازات متجددة لم تسمع عن أهل اللغة.
وكذلك أنهم لم يدونوا المجازات كما دونوا الحقيقة، وكذلك بأنه لو كانت نقليا لما افتقر إلى النظر في العلاقة، وعبر الآمدي عن هذه المسألة بصيغة: اللفظ المتواضع على استعماله، أو المستعمل في غير ما وضع له( ).
وحرر أحد العلماء الخلاف في مسألة العلاقة فقال: "لا خلاف بين العلماء في أن المجاز لابد له من علاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، فلا يجوز استعمال أي لفظ في أي معنى إلا لعلاقة، وإنما الخلاف بينهم في أنه هل يكفي أي علاقة، وإن لم يرد عن العرب استعمالهم المجاز بها، أو لابد من علاقة اعتبرها العرب باعتبار نوعها دون شخصها كعلاقة المجاورة أو الكلية والجزئية أو المشابهة ...الخ.
فذهب فريق منهم ابن الحاجب إلى أن المدار على وجود العلاقة، وإن لم يعتبرها العرب، وذهب فريق آخر إلى أنه لابد من علاقة اعتبرها العرب بالنوع دون الشخص، ثم ذكروا العلاقات التي ورد عن العرب اعتبارها في المجاز"( ).
والصواب الذي تؤيده كل الشواهد أن المجاز إنما يعتبر فيه الوضع النوعي لا الشخصي، فالعرب تكلموا بالمجاز كما تكلموا بالحقائق، وقد استجدت بعد عصر اللغة مجازات لا حصر لها، لأن المجاز قياسي لا سماعي يتوقف فيه على النقل.
وقد حظيت هذه المسألة برعاية خاصة عند الأصوليين، وهي تعد من أعمق مباحثهم في المجاز.
وكما احتاج المجاز إلى العلاقة: "يحتاج إلى ... القرينة ... الموجبة للحمل ... ولا خلاف في أنه لابد من القرينة، وإنما اختلفوا هل القرينة داخلة في مفهوم المجاز، وهو رأى البيانيين( )، أم شرط لصحته واعتباره، وهو رأى الأصوليين"( ).
وقد احتاج إلى البحث في القرينة – بصفة خاصة – فريقان من العلماء: علماء البيان، وعلماء أصول الفقه، ولقد تصدى الزمخشري لمعناها فقال: "قرن هو قرنه في السن، وقرنه في الحرب، القرن، بالفتح = مثلك في السن، وبالكسر = مثلك في الشجاعة، وهم أقرانه ... وهي قرينتها، وهن قرائنها، وقرن الشيء بالشيء فاقترن به، وقرن بينهما يقرن، وقرن بين الحج والعمرة قرانا ...، وأعطاه بعيرين من قرن وفي قران، وهو حبل يقرنان به.
... ومن المجاز : هي قرينة فلان: لامرأته، وهن قرائنه ... وكان ذلك في القرن الأول، وفي القرون الخالية، وهي الأمة المتقدمة على التي بعدها"( ).
ويقول علي بن محمد الجرجاني: "القرينة: بمعنى الفقرة، وفي اللغة: فعيلة، بمعنى المفاعل، مأخوذة من المقارنة، وفي الاصطلاح: أمر يشير إلى المطلوب"( ).
يبدو من خلال القولين أن القرينة في اللغة تأتي على وزن فعيلة، بمعنى المفاعلة، مأخوذة من المقارنة، أو الاقتران بمعنى الضم والمصاحبة والملازمة، ومنه قولهم لحليلة الرجل: قرينته، وللجيل الذي يعيش في زمن معين قرن، لأنهم متصاحبون ومتلازمون في الزمن، كما أن حليلة الرجل مقترنة به حسا ومعنى، ومصاحبة إياه، وملازمة له.
وتعنى في الاصطلاح: أمر يشير إلى المطلوب: أي ما بفهم منه المعنى المجازي أو غير المعنى الحقيقي.
والقرينة أنواع منها:
-1 القرائن اللفظية:
هي التي لها صورة في الكلام، قال الرازي: "وأما المقالية: فهي أن يذكر المتكلم عقيب ذلك الكلام ما يدل على أن المراد من الكلام الأول غير ما أشعر به ظاهره"( ).
ويقول كمال الدين ميثم البحراني: "وأما المجاز فلابد فيه من قرينة، إما مقالية تدل على المجاز مطابقة، كقول المتكلم: هذا المجاز، أو التزاما، كقوله: رأيت أسدا في يده سيف، فإن قرينة السيف في يده تستلزم إرادة الإنسان مجازا"( ).
-2 القرائن الحالية والمعنوية:
وهي اعتبارات ذهنية مجردة لا وجود لها في الهيئة اللفظية، وهي غير مضبوطة، يقول الرازي: "فإن قال قائل: "ما الفرق بين ... المجاز والكذب؟"، قلنا: الفارق هو القرينة، وهي قد تكون حالية، وقد تكون مقالية:
أما الحالية: فهي إذا علم أو أظن أن المتكلم لا يتكلم بالكذب، فيعلم أن المراد ليس هو الحقيقة، بل المجاز.
ومنها: أن يعلم بسبب خصوص الواقعة: أنه لم يكن للمتكلم داع إلى ذكر الحقيقة، فيعلم أن المراد هو المجاز"( ).
ويقول كمال الدين ميثم البحراني: "... حالية: كأن يحمل على القوم رجل شجاع، فتقول: إياكم والأسد، وقرائن الأحوال غير مضبوطة"( ).
والحق أن القارئ أو السامع لا يستطيع التجرد عن الملابسات المصاحبة للنص لأنها: "أضحت دلالات لا سبيل إلى التحرر منها"( )، ومنها قوله تعالى: (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) ( )، فقد دلت قرينة الحال أن المراد بصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
فقرائن الأحوال من إشارات ورموز وحركات وسوابق ولواحق لا تدخل تحت الحصر والتخمين، يختص بدركها المشاهد لها أو المطلع عليها، فينقلها المشاهد من الصحابة إلى التابعين، فقد يذكر الصحابة القرائن بألفاظ صريحة، أو ينقل النص مع قرائنه حتى توجب علما ضروريا بفهم المراد أو توجب ظنا( ).
فهذا النوع من القرينة ليس له عبارة موضوعة في اللغة تكون مع النص، ومثال قرائن الأحوال في الفقه الإسلامي مما له صلة باللغة .... سكوت البكر عند تزويجها فيدل على رضاها، بل جعل سكوت الرسول صلى الله عليه وسلم – عن شيء فعل بحضرته دليلا على إقراره له.
-3 القرينة الخارجية:
وهي موافقة أحد المعنيين لدليل منفصل من نص أو قياس أو عمل صحابة، أو موافقته لمقاصد الشريعة، ويمكن أن نسمى هذه القرينة بـ (القرينة الشرعية) ( ).
والقرينة الخارجية عن الكلام كقوله تعالى: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ) ( ). فإن سياق الكلام، وهو قوله (إِنَّا أَعْتَدْنَا) ( ). يخرجه عن أن يكون للتخيير( ).
-4 إحالة على دليل العقل:
كقوله تعالى: (وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) ( )،( )، فإن العقل يحيل اتصاف الله تعالى بالجارحة، فدل على أن المراد كمال القدرة والتمكن.
-5 قرينة العرف:
فقد قال الغزالي: "ومن أنس بتعارف أهل اللغة، واطلع على عرفهم علم أنهم لا يستريبون في أن من قال حرمت على الطعام والشراب أنه يريد الأكل دون النظر والمس، وإذا قال حرمت عليك هذا الثوب يريد اللبس، وإذا قال: حرمت عليك أنه يريد الوقاع، وهذا صريح عندهم مقطوع به"( ).
-6 قرينة ممثلة في ما يقع في نفس المجتهد:
من تأويل اللفظ، فإن المجتهد قد يعمل بما يقع في نفسه بكثرة عمله في النصوص، واطلاعه على الشريعة ومقاصدها، فمن أنس بكلام الشارع، واطلع على مقاصد الشريعة يحصل له من الشجية في تأويل النصوص ما يصح له أن يعمل بما وقع به في نفسه.
-7 قرائن الحس:
وقرائن الحس والمشاهدة هي الأحوال التي تصاحب المجاز من هيئة مادية، أو نفسية، فمن يقول: "أروانى الماء وأذهب عطشي، إن كان هذا القول صادرا ممن يحمل في يده مصحفا، أو شاهدنا في جبهته أثر السجود فهو متجوز في القول، فكان الحس والمشاهدة هما مصدر القرينة، أي: أرواني الله عند شرب الماء، وأذهب الله عطشي عند شربه"( ).
-8 القرينة التي تكون لمعنى في المتكلم:
فكقوله سبحانه وتعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ) ( ). فإنه سبحانه لا يأمر بالمعصية( ).
وظيفة القرينة:
لقد سلط الباحثون والدارسون من الأصوليين والبلاغيين بالغ اهتمامهم على وظيفة القرينة، وهي رفع الاحتمال في الدلالات وتعيين اللفظ للمعنى المراد منه عند المتكلم، أو رفع المعنى الوضعي للفظ، وقصره للدلالة على المعنى المجازي.
ولهذا فإنهم حين يعرفون المجاز بقولون: الكلمة المستعملة، أو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الوضعي، أو هو استعمال اللفظ.
فوظيفة القرينة المجازية: هي منع إرادة المعنى الأصلي ليزول اللبس من الكلام، والبيان يقتضي ذلك ويوجبه: "والمجازات لا تنفك عن القرائن الحالية والمقالية"( ).
مصادر القرينة:
القرينة لها عدة مصادر تنتزع منها، فتسمى القرينة باسم المصدر الذي تؤخذ منه، منها:
اللغة:
وذلك حين يستعمل اللفظ في معنى غير موضوع له، ويطرد استعماله فيه، من ذلك قول الوأواء الدمشقي:
فأسبلت لؤلؤا من نرجس وسقت وردا، وعضت على العناب بالبرد( ).
ففي البيت خمس مجازات (استعارات): للؤلؤ للدمع، والنرجس للعين، والورد للخد، والعناب للأصابع، والبرد للأسنان، وإنما كانت هذه مجازات، أو استعارات مجازية لأن اللغة لم تستعمل اللؤلؤ في الدمع، ولا النرجس في العين، ولا الورد في الخد، ولا العناب في الأصابع، ولا البرد في الأسنان، وإنما استعملت اللؤلؤ في المعدن الكريم، والنرجس في النبات المخصوص بهذا الاسم وكذا الورد والعناب.
فمصدر القرينة في هذا البيت هو اللغة، والقرينة على هذا لغوية.
الشرع:
ومن القرائن ما يكون مصدرها الشرع، كإسناد المجيء إلى الله والمجيء من صفات الحوادث، ويستلزم المكان، وإثبات اليد والقدم، والأصبع والكف، فمتى ورد شيء من ذلك دل الشرع على أن الكلام إنما هو مجاز لا حقيقة، والقرينة شرعية.
العقل:
وقد يكون مصدر بعض القرائن العقل، لا اللغة، ولا الشرع، كقولك: بنى الأمير المدينة، وليس في استطاعة رجل واحد أن يبنى مدينة، فوجب الصرف والتأويل من جهة العقل المانع إرادة الظاهرة، والمعنى: بنى البناة المدينة بأمر الأمير.
فمنزع القرينة هنا هو العقل، والقرينة فيه عقلية.
العادة والعرف:
وهذان مصدران من مصادر القرينة كذلك، كأن يقال: أكرم فلان الناس، وإكرام الناس، جميعا لا يدخل في مقدرة فرد واحد، فمصدر القرينة هنا هو العادة.
وإذا كان البيانيون يشترطون في قرينة المجاز أن تكون مانعة، فإن بعض الأصوليين لا يشترط هذا المنع قولا بالجمع بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي للفظ، وجمهور الأصوليين يرددون هذا المذهب.
والمجتهد يجتهد في تحصيل أعلى درجات الوضوح للنص حتى يحكم على المستخرج من النص حكما أقرب إلى الصواب، والبيان والوضوح لا يتحققان، إلا بالقرائن المانعة، أو غير المانعة على رأي آخر والعلائق المصححة.
الهوامش :
مواضيع مماثلة
» المقال الرابع عشر: مصطلح الحقيقة عند الأصوليين
» مفهوم التجديد و اتجاهاته في ضوء تحديث الدرس البلاغي د. بلقاسم دكدوك
» مفهوم التجديد و اتجاهاته في ضوء تحديث الدرس البلاغي د. بلقاسم دكدوك
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى