الأخطاء الصّوتية في كتابات تلاميذ نهاية المرحلة الابتدائية الإبدال أنموذجا ـ
صفحة 1 من اصل 1
الأخطاء الصّوتية في كتابات تلاميذ نهاية المرحلة الابتدائية الإبدال أنموذجا ـ
الأخطاء الصّوتية في كتابات تلاميذ نهاية المرحلة الابتدائية
الإبدال أنموذجا ـ
سيدي محمد بوعيّاد دبّاغ
أستاذ بجامعة الجزائر 2
[تناولت هذه الدراسة الأخطاء الصّوتية من منطلق لساني محض بغرض البحث عن الصّعوبات التي تعترض تعليم اللّغة العربية في هذا المستوى اللّغوي، ومن ثمّة اقتراح طرائق تعليمية لتجاوزها، فلما كان الهدف من هذه الدراسة هو الوقوف على نوعية الأخطاء الصوتية التي يرتكبها تلاميذ نهاية المرحلة الابتدائية وأسبابها وطرائق علاجها.]
مدخل:
تناول الباحثون العرب موضوع الأخطاء اللّغوية من زوايا مختلفة، في مقدّمتها الجانب النفسي اللّغوي، ولعلّ أهمّ هذه الدّراسات ذلك العمل الذي قامت به المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، فهو عمل متنوّع ورائد، كان أهمّ ما فيه، الجانب المتعلّق بالأخطاء الإملائية في الكتابة الإنشائية بالوطن العربي، وتحديدا بسوريا ومصر والأردن، وقد توصّلت إلى تحديد مجموعة من الأساليب التعليمية لقواعد الإملاء، قصد الحدّ من آفة الخطأ الإملائي، ومن بينها أسلوب الاستذكار والمراجعة وأسلوب الاختبار، وأسلوب الاعتماد على الحواس، وأساليب التعلّم الذّاتي(1).
وفي المغرب، قام المصطفى بن عبد الله بوشوك بمعالجة أخطاء تلاميذ المرحلة النهائية من التعليم الإعدادي والثّانوي، وتوصّلت دراسته إلى خلاصة مفادها أنّ هناك تطورا ملموسا لدى تلاميذ السنة السابعة بالمقارنة مع السنة الرابعة، ممّا يعني أنّ هناك مجالا خصبا لتطوّر الأخطاء واستفحالها، وبالتالي انتقالها من مجال الأغلاط إلى مجال الأخطاء(2).
وفي الجزائر، قامت الباحثة ربيعة جعفري بدراسة الأخطاء الإملائية الشائعة لدى تلاميذ السنة الرابعة من التعليم الأساسي، وذلك انطلاقا من التقييم الإجمالي لمستوى التّحصيل اللّغوي في مادة الإملاء العربي باستعمال منهج تحليل الأخطاء من منطلق إكلينيكي Approche clinique))، فكانت دراستها للظاهرة نفسية لسانية(3).
يتبيّن من خلال الدّراسات المذكورة أنّ الاهتمام فيها قد انصّب على الأخطاء الإملائية ومن منظور نفساني في الغالب، أمّا موضوع الأخطاء الصّوتية المرتبطة بالإنشاء الكتابي، فقد ظلّ مجالا بكرا، وإن كانت جاكلين زوبادى قد قامت بدراسة حول الصّعوبات الصّوتية الناجمة عن تقارب المخارج والصّفات في تعلّم مهارتي القراءة والكتابة والإملاء في الوسط التعليمي الجزائري، ولكنّها استهدفت الوصول إلى تحديد تقنيات علاجية أرطفونية.(4)
من هنا تبرز مظاهر الجدّة في هذه الدراسة، فقد تناولت الأخطاء الصّوتية من منطلق لساني محض بغرض البحث عن الصّعوبات التي تعترض تعليم اللّغة العربية في هذا المستوى اللّغوي، ومن ثمّة اقتراح طرائق تعليمية لتجاوزها، فلما كان الهدف من هذه الدراسة هو الوقوف على نوعية الأخطاء الصوتية التي يرتكبها تلاميذ نهاية المرحلة الابتدائية وأسبابها وطرائق علاجها، كان لابدّ من تناول إنشاءاتهم الكتابية بالدراسة والتحليل، فالأخطاء الشائعة والمتكررة في كتاباتهم تدل على مظاهر ضعفهم وعلى الصعوبات التي تعترضهم في اكتساب كفاءة التعبير الكتابي.ومن هذا المنطلق جاء اختيارنا تـعريض تلاميذ العينـة الذين بلغ عددهم ثمانية وثمانين ومائة تلميذ (188) لاختبار في التعبير الكـتابي، هذا نصّه:
«وأنت ذاهب إلى المدرسة، شاهدت حادث اصطدام سيارتين كانتا تسيران بسرعة على الطريق، فأفزعك المنظر وأدهشك وعطّلك عن الالتحاق بالمدرسة، وعندما دخلت القسم سألك معلّمك عن سبب تأخرّك، فقررت أن تصف له الحادث المروّع»
صف الحادث، معتمدا على شريط الصور.
وقد جاء تحليل المدونة المكتوبة لهؤلاء التلاميذ من خلال ثلاث ظواهر برزت في المدونة هي:الإبدال، والإدغام، والمد، وسنقتصر في هذا الموضع على الأولى منها.
1 ـ الإبدال في كتابات التلاميذ
درس اللّغويون القدامى ظاهرة الإبدال في اللغة العربية، واستعملوا للتعبير عنها مصطلحين هما: الإبدال والقلب، وقد تناوله سيبويه في مواضع مختلفة من كتابه(5)، وهو يعني عنده« إبدال حرف بآخر من حروف البدل، وهي عشرة: الهمزة، والألف، والحاء، والياء، والواو، والتاء، والدّال، والميم، والنون، والجيم» (6)، والقلب عنده هو إبدال حرف بأي حرف من الحروف الباقية.
أمّا ابن جنّي فهو يقدّم التعريف نفسه للإبدال، إلاّ أنّه يضيف حرفا واحدا لحروف البدل التي ذكرها سيبويه، وهو حرف الطّاء، وبذلك تصير حروف البدل عنده أحد عشر حرفا.وقد أولى بن جنّي هو الآخر اهتماما كبيرا لهذه الظاهرة عندما درس التغيرات الصّوتية في الحروف العربية دون أن يفرّق بين الإبدال والقلب، إذ يستخدم تارة مصطلح الإبدال، وتارة أخرى مصطلح القلب(7).
ويعرّف الأستاذ عبد الرحمان حاج صالح الإبدال بقوله:« المقصود من الإبدال هنا تعاقب الحروف أو الحركات في اللفظ الواحد مع بقاء المعنى، وذلك يحصل بسبب تنوّع الاستعمال بين جماعة وأخرى، وهو في هذا الحال، أي إذا اختص به إقليم معيّن، إبدال لهجي، وقد يكون غير لهجي أيضا إذا كان التنوّع منتشرا في جماعات تنتمي إلى أكثر الأقاليم»(.
ويأتي تناولنا لظاهرة الإبدال مؤسسا على المعنى الذي حدّده الدكتور عبد الرحمان حاج صالح، وذلك بهدف الوقوف على الأخطاء الخاصّة بهذه الظاهرة في كتابات تلاميذ نهاية المرحلة الابتدائية، والكشف عن نوعيتها وتحديد أسباب حدوثها ما أمكن. وقد جاء تقديمنا للحروف التي عرفت هذا النوع من التحولات الصوتية بحسب ترتيب مخارجها من أقصى الحلق إلى الشفتين، مثلما هو موضّح في الجدول رقم (1) الذي يبرز الحصيلة الصوتية لمختلف التحولات المدروسة، ويعرض عدد حالات ظهورها وكذا نسبها المئوية.
جدول رقم (1):حصيلة التحولات الصّوتية
2ـ تحليل النتائج
حاولت هذه الدراسة تقصّي أكبر عدد ممكن من المعطيات الخاصّة بظاهرة الإبدال عند تلاميذ العيّنة، وذلك انطلاقا من نسب التحولات الصوتية المسجّلة في المدونة، واستخراج الحروف التي حصلت على نسب عالية من هذه التحولات، والتي تطرح مشاكل تعليمية ينبغي معالجتها.
وفيما يلي الرسم البياني الّذي يجمل التحوّلات المسجلة بالنسبة إلى كل زوج من الحروف والذي يوضّح نسبها:
انطلاقا من النتائج المعروضة في هذا الرسم البياني، يمكن تصنيف نسب التحولات الصوتية التي طرأت على الحروف في ثلاث مجموعات:
2 ـ 1 المجموعة الأولى: وتضمّ أزواج الحروف التي نالت أكبر نسب الأخطاء الصوتية، والتي تتراوح بين9,30% و31,23%، وتتعلق بأزواج الحروف الآتية:
[ت – ط]،[ ظ - ض]،[ س – ص]،[ذ – د]، وسنمثّل لها هنا، ثم في كل مجموعة بالزوج الذي حظي بأعلى نسبة داخل المجموعة، وهو في هذه المجموعة الزوج [ذ – د].
2 ـ 1 ـ 1 استبدال حرف الذّال[d] بحرف الدّال [d]
أمثلة:
دَهَبَ Dahaba
ذهَبَ ahabaḏ
التلاميذُ ’attalāmīdu
التَّلاميذ ,attalāmīīu
تفسّر عملية استبدال حرف الذّال [d] الذي مخرجه أطراف الثنايا وصفاته: الجهر، الترقيق، والرخاوة بحرف الدّال [d] الذي مخرجه أصول الثنايا وصفاته: الجهـر، والترقيق والشدّة بـ:
- التشابه الكبير على مستوى الرسم بين الحرفين، فهما يرسمان بالطريقة نفسها في بداية الكلمة ووسطها وآخرها، ولا تميّزهما سوى نقطة الإعجام الّتي تضاف إلى الرسم المشترك في حرف الذال، ومن هنا فإن عدم تجسيد أو نسيان هذه النقطة يؤدي لا محالة إلى التباس الذال بالدّال.
- التقارب الكبير بين مخرجي الذال والدّال، فالأوّل يخرج من أطراف الثنايا، بينما يصدر الثاني من أصول الثنايا، وينضاف إلى ذلك اشتراكهما في صفتي الجهر والترقيق واختلافهما في الشّدة والرخاوة. وقد حدث انزياح لمخرج الذال نحو الوراء ( من أطراف الثنايا إلى أصول الثنايا)، ثم فقد حرف الذال صفة الرخاوة فأصبح شديدا.
إن استبدال حرف الذّال [d] بحرف الدّال [d] ظاهرة شائعة في كثير من اللهجات الجزائرية، وقد أورد وليام مرسي W.Marçais في دراسته للهجات الجزائر المختلفة العديد منها، ومن أمثلتها(9):
قنفود (قنفذ) Genfud
مَدْرَة (مِذْرَاة) medra
هذا، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا النوع من الأخطاء قد سجّل نسبة مرتفعة قدّرت بـ 24,92% من مجموع الأخطاء الصوتية التي تضمنتها المدونة.
2 ـ 1 ـ 2 استبدال حرف الدال [d] بحرف الذال [ḏ]
أمثلة:
يَـذْخُلُونَ yaḏḫulūna
يَـدْخُلُونَ yadḫulūna
الْـمَذْرَسَةِ ,almaḏrasati
الْـمَدْرَسَةِ ,almadrasati
تفسّر عملية استبدال حرف الدّال [d] بحرف الذال [ḏ] والتي سجلت نسبة قدرت بـ6.30، بالأسباب نفسها التي عللنا بها استبدال الذال دالا، والتي تعود أساسا كما ذكرنا إلى التشابه في الرسم والتقارب في المخرج .
وتجدر الإشارة في الأخير إلى أنّ مجموع الأخطاء الصوتية المتعلقة بزوج الحروف[ذ – د]، قد بلغت نسبة 31.22 من مجموع الأخطاء المسجلة في المدونّة، وهي نسبة كبيرة تستدعي البحث عن حلول من خلال بيداغوجيا علاجية تعتمد على التمارين الصوتية التصحيحية.
2 ـ 2 المجموعة الثانية: وتشمل أزواج الحروف التي نالت نسب أخطاء متوسطة تتراوح بين0,9% و03,9%، وتخص أزواج الحروف الآتية:
[ذ – ظ]، [ط – ض]، [ث– ت]، [ع – ح]، [ظ – ط][ذ – ض]، [د – ض]،[س – ش]، وسنمثّل لها بهذا الزوج الأخير:
2 ـ 2 ـ 1 استبدال حرف السين [s] بحرف الشين [š]
أمثلة:
اَلْمُشْتَشْفَى
اَلْمُسْتَشْفَى ,almuštašfā
,almustašfā
كُرْشِي
كُرْسِي kurši
kursi
يرجع استبدال حرف السين [s] ومخرجه فويق الثنايا وصفاته: الرخاوة والهمس والترقيق بحرف الشين [š] الذي مخرجه وسط الحنك وصفاته: الرخاوة والهمس والترقيق، إلى اشتراكهما في كل الصفات المميزة لهما (الرخاوة والهمس والترقيق) بالإضافة إلى انزياح مخرج الشين (فويق الثنايا) نحو الخلف حتى وسط الحنك متحولا بذلك إلى شين.
وتفسّر هذه الظاهرة أيضا بالمحيط الصوتي لحرف السين [s]، حيث أن وجود الشين [š] في محيطه يؤثر فيه ويحوّله إلى حرف مماثل له فيقلب السين شينا، وهو ما يجسده المثال المذكور أعلاه (المستشفى).
وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من التحوّلات الصّوتية (التماثل والتجانس) شائع في بعض اللهجات الجزائرية (لهجة تلمسان، أولاد ابراهيم ...).
ومثاله: الشّمـس الشَمـش
,aššams ,aššamš
وقد قدرت نسبة هذا النوع من التحولات الصوتية بـ 2,10% من مجموع التحوّلات المسجلة في المدوّنة.
2 ـ 2 ـ 2 استبدال حرف الشين [š] بحرف السين [s] من أمثلته:
اِسْتَعَلَتْ
اِشْتَعَلَتْ ,istacalat
,ištacalat
يرجع استبدال حرف الشين [š] بحرف السين [s] إلى اشتراكهما في كل الصّفات المميزة لهما (الرخاوة والهمس والترقيق)، بالإضافة إلى انزياح مخرج الشين(وسط الحنك) نحو الأمام حتى فويق الثنايا، متحوّلا بذلك إلى سين [s].
هذا من الناحية الصوّتية، أما من الجانب الخطي فيمكن تفسير ذلك بتشابه رسم الحرفين، إذ لا يميّز حرف الشين [š] عن حرف السين [s] سوى نقط الإعجام، فإهمالها يحول الشين سينا، وهي ظاهرة عامّة وشائعة في كتابات التلاميذ.
هذا، وقد لاحظ كانتينو(10) أن حرف الشين يقلب سينا في لهجات بعض المناطق الجزائرية مثل قسنطينة، الميلة... وكذا اللهجات المغاربيّة ومثاله :
شَجَرَة šajarat ← سَجْرَه sajrah
وكذا كلمة شَمْس šams التي تتحول إلى سمش samš نتيجة القلب المكاني، بحيث يتقدم فيها حرف السين ليأخذ مكان الشين، ويتأخر هذا الأخير ليحل محل السّين. ونتيجة لكل هذا، يمكن القول بأنّ استبدال حرف الشين [š] بالسين [s] يعود إلى سببين، الأول منهما، مرتبط بالخّط ومرده إلى تشابه رسم الحرفين، واختلافهما في نقط الإعجام فقط. أمّا الثاني، فهو خاص بالاستعمال، أي التداخل بين الفصحى والعاميّات.
وقد سجّلت ظاهرة استبدال حرف الشين [š] بحرف السين [s] نسبة قدرت بـ 1,80%من مجموع التحوّلات الصوتية المرصودة في المدوّنة، بينما كانت الظاهرة العكسّية (استبدال السين بالشين) قد سجلت نسبة 2,10% وبذلك يصير مجموع النسبتين الخاصّتين بهذين الحرفين هو 3,90%، وهي نسبة ذات دلالة تستدعي اتخاذ إجراءات بيداغوجّية تتعلّق بالمعالجة.
2 ـ 3 المجموعة الثالثة:وتضمّ التحوّلات التي حازت على نسب ضعيفة تتراوح بين 0,30% و0,60%، وتتعلق بأزواج الحروف الآتية:
[ز – ص]، [د – ص]، [د – ل]، [س – ت]، [ر – و]، [ل – ن]، [كـ -ق]، [ء – هـ]، [هـ – ع]، [ت – ن]، [س – ز]، [ص – ز]، [ب – ي]، [ر– ل]، [ ج – ش ]، ونوضّحها بما طرأ على هذا الزوج الأخير.
2 ـ 3ـ 1 استبدال حرف الجيم [j] بحرف الشين [š]
مثال:
وَاشْتَمَعَ
وَاِجْتَمَعَ waštamaca
wajtamaca
إن استبدال حرف الجيم [j] ومخرجه وسط الحنك وصفاته: الشدّة والجهر والترقيق بحرف الشين [š] ذي المخرج نفسه والصفات: الرخاوة والهمس والترقيق، يرجع إلى اشتراك الحرفين في المخرج وفي صفة الترقيق.
وقد فقد الجيم [j] في المثال أعلاه صفتي الشدّة والجهر في مقابل اكتسابه لصفتي الرّخاوة والهمس، فتخلّى بذلك عن صفاته المميّزة وتحوّل إلى حرف الشين [š].
ويؤكّد كانتينو حدوث هذا النوع من التحولاّت الصوتية عندما يكون الجيم [j] مجاورا لحرف التاء، كما يشير إلى أنّ هذه الظاهرة الصوتية منتشرة بكثرة في دول شمال إفريقيا.(11)
هذا، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا النوع من الأخطاء قليل في المدوّنة، بحيث لا تتجاوز نسبته 0,30 % من مجموع تحوّلات الأخطاء الصوتيّة.
2 ـ 3ـ 2 استبدال حرف الشين [š] بحرف الجيم [j]
مثال:
5012 انْدَهَجَتْ
اِنْدَهَشَتْ indahajat
indahašat
يعود استبدال حرف الشين [š] بحرف الجيم [j] إلى اشتراك الحرفين في المخرج (وسط الحنك) وفي صفة الترقيق، وفقدان الشين [š] لصفتي الرّخاوة والهمس في مقابل اكتسابه لصفتي الشدّة والجهر مما حولّه إلى جيم [j].
والجدير بالذكر أن هذه الظاهرة قد وجدت في اللّهجات العربيّة القديمة، إذ أشار إليها النحاة العرب قديما.
وقد سجّل هذا النّوع من التحوّلات الصوتيّة نسبة قدرت بـ 0,30 %من مجموع التحوّلات المرصودة في المدوّنة، وهي النسبة نفسها الّتي سجلتها الظاهرة العكسية (استبدال الجيم [j] بالشين [š]) ، ممّا يجعل النسبة الإجمالية للتحولات في هذا الزوج من الحروف 0,60%.
انطلاقا من هذا التصنيف، يتبيّن أنّ التحوّلات الواردة في المجموعة الأولى قد سجّلت نسبا مرتفعة قدّرت على سبيل المثال بـ 31,12 % بالنسبة إلى حرفي الدال والذال و20,41 %بالنسبة إلى حرفي السين والصّاد، الأمر الذي يشكل خطورة على استقرار النظام الصوتي العربي بالإضافة إلى ما ينجم عن هذه التحولات من انحرافات في المستوى الدلالي، مما يتطلب التّفكير العاجل في معالجة هذه الظاهرة، وذلك بتزويد المعلّمين بوسائل تعليميّة كفيلة بالحد من انتشار هذه الظاهرة وبالتالي القضاء عليها.
أمّا بالنسبة إلى تحولات المجموعة الثانية، فإنّ نسبها ذات دلالة هي الأخرى، إذ تتراوح بين0,90 % بالنسبة إلى حرفي الطاء والدال و03,90 % بالنسبة إلى حرفي السين والشين. وهنا أيضا ينبغي اللجوء إلى بيداغوجية تصحيحيّة تأخذ في الاعتبار كل التحوّلات الصّوتية التي تمّ إحصاؤها، مع مراعاة بنية الخط العربي من جهة، والتأثير المحتمل للهجات العربيّة وغير العربية على النطق الصّحيح من جهة أخرى.
وأخـيرا فإنّ النّسـب المسجّلة في المجموعة الثالثـة، هي نسب ضعيفة لا قيـمة دلاليّـة لها من الناحيـة الـبيداغوجيـة، فهي تـتراوح ما بين 0,30 % بالنسبة إلى الزوج [ظ– ص] على سبيـل المثال و0,60 % بالنسبة إلى الزوج [ج – ش]، وعلى الرغم من ضعف هذه النسب فإنّها قد تكون جديرة ببحث معمّق في مجالات علمية أخرى كعلم النفس اللغوي.
3ـ نسب التحولات الصوتية في الحروف
يوضّح الرسم البياني التالي أبرز الحروف التي اعترتها التحوّلات الصوتية، وبالتالي تلك التي يجد التّلميذ صعوبة في نطقها وكذا درجة هذه الصعوبة.
يظهر من هذا الرسم البياني أن حرف الذال يطرح صعوبة نطقيّة أكثر من غيره من الحروف حيث سجّل نسبة قدّرت بـ 27,92 % من مجمل التحولات المرصودة في المدوّنة ويأتي حرف الصاد في المرتبة الثانية بنسبة 15,31 % ثم حرف الطاء بـ 13,2 %، أمّا المرتبة الرّابعة فيحتلها حرف الظاء بـ 11,4 %، لتليه الحروف (س)، (د)، (ض) بـ 8,7 %، 8,4 % ، 4,5 % على الترتيب، وأخيرا حرف الهاء بـ 0,30 %.
نستنتج ممّا ذكرنا أن الحروف [ ذ – ص – ط – ظ – س – د – ض ] هي التي تشكل أكبر صعوبة في مستوى النطق، إذ تطرأ عليها تحوّلات كثيرة ومختلفة، ويترتب عن ذلك في أغلب الأحيان خلل في مستوى النّظام اللّغوي، خصوصا فيما تعلّق بالمستوى الدّلالي.
أخيرا، يمكننا أن نؤكّد أنّ التّحولات المسجّلة في مدونتنا تتمثّل عموما في استبدال الحرف المكتسب نسبيا (الأقل اكتسابا) أو الحرف الّذي لم يرسخ نهائيا في النظام الصّوتي للتلميذ بحرف آخر قريب منه، تمّ اكتسابه فعليا، وهذا ناجم في غالب الأحيان عن غياب التقابل في الّصفات التالية:
* الشدّة الرخاوة
* الجهر الهمس
* التفخيم الترقيق
* الغنّة عدم الغنّة
وكذا التحوّل من مخرج إلى آخر.
3 ـ 1 عدم إدراك التقابل في الصفات: ويتجسّد في:
• استبدال حرف شديد بحرف رخو، ومثاله:
ء هـ
د ذ – ص – ظ - ض
ب ي
ن ل
• استبدال حرف رخو بحرف شديد، ومثاله:
ذ د
ض ط – د
ث ت
ظ ط – د
ي ب
ل ن
• استبدال حرف مجهور بحرف مهموس، ومن أمثلته:
ج ش
ظ ص
ع ح
د ص
• استبدال حرف مهموس بحرف مجهور، ومن أمثلته:
ش ج
هـ ع
س ز
ت ن
ص ز
• استبدال حرف مفخم بحرف مرقق، ومثاله:
ط ت - د
ض ذ – د
ظ ذ – د
ص س – ث – ز
• استبدال حرف مرقق بحرف مفخّم، ومثاله:
د ص – ظ – ض
ض ص – ض
ت ط
س ص
• استبدال حرف غير أغنّ بحرف أغنّ، ومثاله:
ل ن
ت ن
• استبدال حرف صفيرى بحرف متفشّي Chain tante، ومثاله:
س ش
• استبدال حرف متفشّي بحرف صفيري، ومثاله:
ش س
• استبدال حرف غير صفيري بحرف صفيري، ومثاله:
د ص
ط ص
• استبدال حرف منحرف بحرف مكرّر، ومثاله:
ل ر
• استبدال حرف مكرّر بحرف منحرف، ومثاله:
ر ل
• استبدال حرف مكرّر بحرف غير مكرّر، ومثاله:
ر و
3 ـ 2 التحوّل من مخرج إلى آخر:
• تحوّل من أقصى الحنك إلى اللّهاة، ومثاله:
ك ق
• تحوّل من أطراف الثنايا إلى الأضراس العليا حتّى الثنايا، ومثاله:
ظ ض
• تحوّل من الأضراس العليا حتّى الثنايا إلى أطراف الثنايا، ومثاله:
ض ظ – ذ
• تحوّل من أقصى الحلق إلى وسط الحلق، ومثاله:
هـ ع
ويبيّن ما عرضناه أثناء التّحليل عدم تمييز التّلاميذ بين الحرف المجهور والمهموس، الحرف الشديد والحرف الرخو، الحرف الأغنّ وغير الأغنّ، الحرف المفخّم والمرقق ... وهو ما يؤكّد أهميّة وخطورة التحوّلات الصوتية المستخرجة من المدوّنة، وما يبرز في الوقت نفسه مشكلا من أكبر المشاكل التي تعترض تعليم اللغة العربيّة، والّتي مردها إلى عدم تحكم التّلاميذ في نظامها الصوتي. ويعود ذلك إلى أسباب مختلفة، كنّا قد ذكرنا بعضها أثناء التحليل ونضيف إليها عاملا آخر لا يقل أهميّة عنها يتمثل في المعلّم، أي طريقة تأديّته لحروف العربيّة الّتي يعلّمها، والّتي يفترض أن تكون نموذجا يقتدي به التّلميذ، علما أنّ هذه التأديّة تتأثر بلهجته (Diglossie) عندما يتعلق الأمر بتوجيه خطابه بلغة عربّية فصيحة، وهو ما يؤثر لا محالة في تأديّة التلاميذ لمختلف الحروف.
إنّ القضاء على هذه المشكلة وبالتالي تحقيق مردودية أكبر في تعليم اللغة العربيّة، في جانبها الصّوتي خاصة، يتطلب إجراءات بيداغوجيّة استعجاليّه تصبّ في اتّجاهات ثلاثة هدفها واحد؛ يقتضي الإجراء الأول، القيّام بدراسة وصفيّة دقيقة للنظام الصوتي العربي بغرض تحديد مخارج حروف لغة المدرسة وصفاتها.
وفي ظل هذا، يبقى الوصف الدّقيق للنظام الصّوتي الخاص باللّغة العربيّة المعاصرة ضرورة ملّحة ينبغي تحقيقها، وليس ذلك بالأمر الهيّن نظرا لتأثر هذا النّظام بطريقة استعمال العرب له في لهجاتهم المختلفة، ونتيجة لهذا، ينبغي تحديد النظام الصوتي الخاص بلغة التعليم عندنا.
ويتمثل الإجراء الثاني في إدراج مادة الصوتيات العربيّة ضمن برامج تكوين معلّمي المرحلة الأساسية الجدد، أمّا بالنسبة إلى المتواجدين في الميدان، فيجب أن تنظم لهم دورات تكوينيّة لتمكينهم من المعارف النظريّة والتطبيقية الخاصّة بالصّوتيات العربيّة وكذا الوسائل التعليميّة التي تسمح لهم بمعالجة التحولات الصّوتية التي تصيب مدرج الكلام عند تلاميذهم. ومن هذا المنطلق وجب عدم قبول أي ترشح لوظيفة تعليميّة يكون صاحبها مصابا بعاهة صوتية تعوق أداء مهامه.
أمّا الإجراء الثالث فيتطلب تبني بيداغوجيّة تصحيحيّة تعتمد على التمارين الصّوتية يكون الغرض منها مساعدة التّلاميذ على تصحيح مخارج الحروف وصفاتها التي كانت عرضة لتحوّلات كثيرة.بالإضافة إلى الاكتشاف المبكّر للتلاميذ الّذين يعانون من الأفازية أو غيرها من أمراض الكلام قصد تحويلهم إلى مصالح خاصة بمعالجة أمراض الكلام.
إنّ تطبيق هذه الإجراءات الثلاثة من شأنه حل مشكلة التحكم في النّظام الصّوتي العربي من جهة، ورفع مردوديّة تعليم اللغة العربيّة في بلادنا من جهة أخرى.
لقد حاولت هذه الدراسة تشخيص ظاهرة الأخطاء اللغوية في المستوى الصّوتي، كونها تسمح بتحليل استراتيجيات التعلّم، وقد تمكّنت من الوقوف على مجموعة من العوامل الفاعلة في تفشّي الظاهرة، واستخلاص جملة من النتائج لعلّ أهمها أنّ الخطأ الصوتي وإن تعلّق أساسا بالمنطوق، فإنّ آثاره تنعكس على مستوى المكتوب، وهو يعني خرق النظام الصوتي للغة من حيث مخارج الحروف وصفاتها... ويواجه تلاميذ نهاية المرحلة الابتدائية صعوبات كبيرة في التمييز بين بعض الحروف من حيث مخارجها بسبب عدم تمثلّهم السمعي لنطقها السليم، ممّا ينعكس على مستوى رسم شكلها... كما لا يميّز معظمهم بين صفات هذه الحروف لكونهم لا يتمثّلونها، وهم يستخدمون في استبدالها استراتيجيات: الإضافة والحذف والتعويض، ممّا يكون له انعكاس على المستوى الدلالي.
وقد كانت أكثر الأخطاء الصّوتية شيوعا في كتابات التلاميذ تلك المتعلقة بالأزواج الآتية:
[ د ذ ] - [ س ص ] - [ ظ ض ] - [ ت ط ]، ولذلك فإنّنا نقترح اعتماد طريقة التمارين الصوتية لمعالجة هذه الأخطاء وذلك من خلال تدريب التلاميذ على التمييز نطقا بين زوج الحروف الذي يطرح إشكالا عن طريق المقابلة بينهما في كلمتين يكون فيهما للصوتين المقصودين دور تمييزي، مثل: صورة – سورة، بالإضافة إلى إعادة النظر في برامج تكوين المعلمين بإدراج مادتي اللّسانيات والصّوتيات وكذا بيداغوجيا الخطأ وبيداغوجيا الدّعم.
هوامش:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تطوير مناهج تعليم الكتابة والإملاء في مراحل التعليم العام في الوطن العربي، تونس، 1983.
(2) المصطفى بن عبد الله بوشوك، تعليم وتعلّم اللّغة العربية وثقافتها، الهلال العربية، الرباط، 1990.
(3) انظر: ربيعة جعفري، الخطأ اللغوي في المدرسة الأساسية الجزائرية، مشكلاته وحلوله، دراسة نفسية لسانية تربوية، ديوان المطبوعات الجزائرية، بن عكنون، الجزائر، 2003.
(4)انظر:
Jaqueline Zwobada, née Rosel, Difficultés d’apprentissage de la lecture en langues arabe chez l’écolier algérien, DEA, Institut de linguistique et de phonétique, Alger,1975.
(5)انظر: سيبويه، الكتاب، تحقيق عبد السلام محمد هارون، عالم الكتاب، بيروت، 1983، ط.3، ج: 4، ص:357، 371، 387، 427.
(6)المرجع نفسه، ص: 237.
(7)ابن جنّي، سر صناعة الإعراب، دراسة وتحقيق حسن هنداوي، دار القلم، دمشق، 1993، ج:1، ص:281.
( عبد الرحمان حاج صالح، السماع اللغوي العلمي عند العرب ومفهوم الفصاحة، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر، 2007، ص:233.
(9) W, MARCAIS, Le dialecte arabe des uled Brahim de Saida, Honore champion, Alger, 1908, P : 21
(10) Jean, Cantineau, Etudes de linguistique arabe, Librairie klincksieck, Paris, 1960, P :63
(11) Jean,Cantineau, Etudes de linguistique arabe ,p :59
الإبدال أنموذجا ـ
سيدي محمد بوعيّاد دبّاغ
أستاذ بجامعة الجزائر 2
[تناولت هذه الدراسة الأخطاء الصّوتية من منطلق لساني محض بغرض البحث عن الصّعوبات التي تعترض تعليم اللّغة العربية في هذا المستوى اللّغوي، ومن ثمّة اقتراح طرائق تعليمية لتجاوزها، فلما كان الهدف من هذه الدراسة هو الوقوف على نوعية الأخطاء الصوتية التي يرتكبها تلاميذ نهاية المرحلة الابتدائية وأسبابها وطرائق علاجها.]
مدخل:
تناول الباحثون العرب موضوع الأخطاء اللّغوية من زوايا مختلفة، في مقدّمتها الجانب النفسي اللّغوي، ولعلّ أهمّ هذه الدّراسات ذلك العمل الذي قامت به المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، فهو عمل متنوّع ورائد، كان أهمّ ما فيه، الجانب المتعلّق بالأخطاء الإملائية في الكتابة الإنشائية بالوطن العربي، وتحديدا بسوريا ومصر والأردن، وقد توصّلت إلى تحديد مجموعة من الأساليب التعليمية لقواعد الإملاء، قصد الحدّ من آفة الخطأ الإملائي، ومن بينها أسلوب الاستذكار والمراجعة وأسلوب الاختبار، وأسلوب الاعتماد على الحواس، وأساليب التعلّم الذّاتي(1).
وفي المغرب، قام المصطفى بن عبد الله بوشوك بمعالجة أخطاء تلاميذ المرحلة النهائية من التعليم الإعدادي والثّانوي، وتوصّلت دراسته إلى خلاصة مفادها أنّ هناك تطورا ملموسا لدى تلاميذ السنة السابعة بالمقارنة مع السنة الرابعة، ممّا يعني أنّ هناك مجالا خصبا لتطوّر الأخطاء واستفحالها، وبالتالي انتقالها من مجال الأغلاط إلى مجال الأخطاء(2).
وفي الجزائر، قامت الباحثة ربيعة جعفري بدراسة الأخطاء الإملائية الشائعة لدى تلاميذ السنة الرابعة من التعليم الأساسي، وذلك انطلاقا من التقييم الإجمالي لمستوى التّحصيل اللّغوي في مادة الإملاء العربي باستعمال منهج تحليل الأخطاء من منطلق إكلينيكي Approche clinique))، فكانت دراستها للظاهرة نفسية لسانية(3).
يتبيّن من خلال الدّراسات المذكورة أنّ الاهتمام فيها قد انصّب على الأخطاء الإملائية ومن منظور نفساني في الغالب، أمّا موضوع الأخطاء الصّوتية المرتبطة بالإنشاء الكتابي، فقد ظلّ مجالا بكرا، وإن كانت جاكلين زوبادى قد قامت بدراسة حول الصّعوبات الصّوتية الناجمة عن تقارب المخارج والصّفات في تعلّم مهارتي القراءة والكتابة والإملاء في الوسط التعليمي الجزائري، ولكنّها استهدفت الوصول إلى تحديد تقنيات علاجية أرطفونية.(4)
من هنا تبرز مظاهر الجدّة في هذه الدراسة، فقد تناولت الأخطاء الصّوتية من منطلق لساني محض بغرض البحث عن الصّعوبات التي تعترض تعليم اللّغة العربية في هذا المستوى اللّغوي، ومن ثمّة اقتراح طرائق تعليمية لتجاوزها، فلما كان الهدف من هذه الدراسة هو الوقوف على نوعية الأخطاء الصوتية التي يرتكبها تلاميذ نهاية المرحلة الابتدائية وأسبابها وطرائق علاجها، كان لابدّ من تناول إنشاءاتهم الكتابية بالدراسة والتحليل، فالأخطاء الشائعة والمتكررة في كتاباتهم تدل على مظاهر ضعفهم وعلى الصعوبات التي تعترضهم في اكتساب كفاءة التعبير الكتابي.ومن هذا المنطلق جاء اختيارنا تـعريض تلاميذ العينـة الذين بلغ عددهم ثمانية وثمانين ومائة تلميذ (188) لاختبار في التعبير الكـتابي، هذا نصّه:
«وأنت ذاهب إلى المدرسة، شاهدت حادث اصطدام سيارتين كانتا تسيران بسرعة على الطريق، فأفزعك المنظر وأدهشك وعطّلك عن الالتحاق بالمدرسة، وعندما دخلت القسم سألك معلّمك عن سبب تأخرّك، فقررت أن تصف له الحادث المروّع»
صف الحادث، معتمدا على شريط الصور.
وقد جاء تحليل المدونة المكتوبة لهؤلاء التلاميذ من خلال ثلاث ظواهر برزت في المدونة هي:الإبدال، والإدغام، والمد، وسنقتصر في هذا الموضع على الأولى منها.
1 ـ الإبدال في كتابات التلاميذ
درس اللّغويون القدامى ظاهرة الإبدال في اللغة العربية، واستعملوا للتعبير عنها مصطلحين هما: الإبدال والقلب، وقد تناوله سيبويه في مواضع مختلفة من كتابه(5)، وهو يعني عنده« إبدال حرف بآخر من حروف البدل، وهي عشرة: الهمزة، والألف، والحاء، والياء، والواو، والتاء، والدّال، والميم، والنون، والجيم» (6)، والقلب عنده هو إبدال حرف بأي حرف من الحروف الباقية.
أمّا ابن جنّي فهو يقدّم التعريف نفسه للإبدال، إلاّ أنّه يضيف حرفا واحدا لحروف البدل التي ذكرها سيبويه، وهو حرف الطّاء، وبذلك تصير حروف البدل عنده أحد عشر حرفا.وقد أولى بن جنّي هو الآخر اهتماما كبيرا لهذه الظاهرة عندما درس التغيرات الصّوتية في الحروف العربية دون أن يفرّق بين الإبدال والقلب، إذ يستخدم تارة مصطلح الإبدال، وتارة أخرى مصطلح القلب(7).
ويعرّف الأستاذ عبد الرحمان حاج صالح الإبدال بقوله:« المقصود من الإبدال هنا تعاقب الحروف أو الحركات في اللفظ الواحد مع بقاء المعنى، وذلك يحصل بسبب تنوّع الاستعمال بين جماعة وأخرى، وهو في هذا الحال، أي إذا اختص به إقليم معيّن، إبدال لهجي، وقد يكون غير لهجي أيضا إذا كان التنوّع منتشرا في جماعات تنتمي إلى أكثر الأقاليم»(.
ويأتي تناولنا لظاهرة الإبدال مؤسسا على المعنى الذي حدّده الدكتور عبد الرحمان حاج صالح، وذلك بهدف الوقوف على الأخطاء الخاصّة بهذه الظاهرة في كتابات تلاميذ نهاية المرحلة الابتدائية، والكشف عن نوعيتها وتحديد أسباب حدوثها ما أمكن. وقد جاء تقديمنا للحروف التي عرفت هذا النوع من التحولات الصوتية بحسب ترتيب مخارجها من أقصى الحلق إلى الشفتين، مثلما هو موضّح في الجدول رقم (1) الذي يبرز الحصيلة الصوتية لمختلف التحولات المدروسة، ويعرض عدد حالات ظهورها وكذا نسبها المئوية.
جدول رقم (1):حصيلة التحولات الصّوتية
2ـ تحليل النتائج
حاولت هذه الدراسة تقصّي أكبر عدد ممكن من المعطيات الخاصّة بظاهرة الإبدال عند تلاميذ العيّنة، وذلك انطلاقا من نسب التحولات الصوتية المسجّلة في المدونة، واستخراج الحروف التي حصلت على نسب عالية من هذه التحولات، والتي تطرح مشاكل تعليمية ينبغي معالجتها.
وفيما يلي الرسم البياني الّذي يجمل التحوّلات المسجلة بالنسبة إلى كل زوج من الحروف والذي يوضّح نسبها:
انطلاقا من النتائج المعروضة في هذا الرسم البياني، يمكن تصنيف نسب التحولات الصوتية التي طرأت على الحروف في ثلاث مجموعات:
2 ـ 1 المجموعة الأولى: وتضمّ أزواج الحروف التي نالت أكبر نسب الأخطاء الصوتية، والتي تتراوح بين9,30% و31,23%، وتتعلق بأزواج الحروف الآتية:
[ت – ط]،[ ظ - ض]،[ س – ص]،[ذ – د]، وسنمثّل لها هنا، ثم في كل مجموعة بالزوج الذي حظي بأعلى نسبة داخل المجموعة، وهو في هذه المجموعة الزوج [ذ – د].
2 ـ 1 ـ 1 استبدال حرف الذّال[d] بحرف الدّال [d]
أمثلة:
دَهَبَ Dahaba
ذهَبَ ahabaḏ
التلاميذُ ’attalāmīdu
التَّلاميذ ,attalāmīīu
تفسّر عملية استبدال حرف الذّال [d] الذي مخرجه أطراف الثنايا وصفاته: الجهر، الترقيق، والرخاوة بحرف الدّال [d] الذي مخرجه أصول الثنايا وصفاته: الجهـر، والترقيق والشدّة بـ:
- التشابه الكبير على مستوى الرسم بين الحرفين، فهما يرسمان بالطريقة نفسها في بداية الكلمة ووسطها وآخرها، ولا تميّزهما سوى نقطة الإعجام الّتي تضاف إلى الرسم المشترك في حرف الذال، ومن هنا فإن عدم تجسيد أو نسيان هذه النقطة يؤدي لا محالة إلى التباس الذال بالدّال.
- التقارب الكبير بين مخرجي الذال والدّال، فالأوّل يخرج من أطراف الثنايا، بينما يصدر الثاني من أصول الثنايا، وينضاف إلى ذلك اشتراكهما في صفتي الجهر والترقيق واختلافهما في الشّدة والرخاوة. وقد حدث انزياح لمخرج الذال نحو الوراء ( من أطراف الثنايا إلى أصول الثنايا)، ثم فقد حرف الذال صفة الرخاوة فأصبح شديدا.
إن استبدال حرف الذّال [d] بحرف الدّال [d] ظاهرة شائعة في كثير من اللهجات الجزائرية، وقد أورد وليام مرسي W.Marçais في دراسته للهجات الجزائر المختلفة العديد منها، ومن أمثلتها(9):
قنفود (قنفذ) Genfud
مَدْرَة (مِذْرَاة) medra
هذا، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا النوع من الأخطاء قد سجّل نسبة مرتفعة قدّرت بـ 24,92% من مجموع الأخطاء الصوتية التي تضمنتها المدونة.
2 ـ 1 ـ 2 استبدال حرف الدال [d] بحرف الذال [ḏ]
أمثلة:
يَـذْخُلُونَ yaḏḫulūna
يَـدْخُلُونَ yadḫulūna
الْـمَذْرَسَةِ ,almaḏrasati
الْـمَدْرَسَةِ ,almadrasati
تفسّر عملية استبدال حرف الدّال [d] بحرف الذال [ḏ] والتي سجلت نسبة قدرت بـ6.30، بالأسباب نفسها التي عللنا بها استبدال الذال دالا، والتي تعود أساسا كما ذكرنا إلى التشابه في الرسم والتقارب في المخرج .
وتجدر الإشارة في الأخير إلى أنّ مجموع الأخطاء الصوتية المتعلقة بزوج الحروف[ذ – د]، قد بلغت نسبة 31.22 من مجموع الأخطاء المسجلة في المدونّة، وهي نسبة كبيرة تستدعي البحث عن حلول من خلال بيداغوجيا علاجية تعتمد على التمارين الصوتية التصحيحية.
2 ـ 2 المجموعة الثانية: وتشمل أزواج الحروف التي نالت نسب أخطاء متوسطة تتراوح بين0,9% و03,9%، وتخص أزواج الحروف الآتية:
[ذ – ظ]، [ط – ض]، [ث– ت]، [ع – ح]، [ظ – ط][ذ – ض]، [د – ض]،[س – ش]، وسنمثّل لها بهذا الزوج الأخير:
2 ـ 2 ـ 1 استبدال حرف السين [s] بحرف الشين [š]
أمثلة:
اَلْمُشْتَشْفَى
اَلْمُسْتَشْفَى ,almuštašfā
,almustašfā
كُرْشِي
كُرْسِي kurši
kursi
يرجع استبدال حرف السين [s] ومخرجه فويق الثنايا وصفاته: الرخاوة والهمس والترقيق بحرف الشين [š] الذي مخرجه وسط الحنك وصفاته: الرخاوة والهمس والترقيق، إلى اشتراكهما في كل الصفات المميزة لهما (الرخاوة والهمس والترقيق) بالإضافة إلى انزياح مخرج الشين (فويق الثنايا) نحو الخلف حتى وسط الحنك متحولا بذلك إلى شين.
وتفسّر هذه الظاهرة أيضا بالمحيط الصوتي لحرف السين [s]، حيث أن وجود الشين [š] في محيطه يؤثر فيه ويحوّله إلى حرف مماثل له فيقلب السين شينا، وهو ما يجسده المثال المذكور أعلاه (المستشفى).
وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من التحوّلات الصّوتية (التماثل والتجانس) شائع في بعض اللهجات الجزائرية (لهجة تلمسان، أولاد ابراهيم ...).
ومثاله: الشّمـس الشَمـش
,aššams ,aššamš
وقد قدرت نسبة هذا النوع من التحولات الصوتية بـ 2,10% من مجموع التحوّلات المسجلة في المدوّنة.
2 ـ 2 ـ 2 استبدال حرف الشين [š] بحرف السين [s] من أمثلته:
اِسْتَعَلَتْ
اِشْتَعَلَتْ ,istacalat
,ištacalat
يرجع استبدال حرف الشين [š] بحرف السين [s] إلى اشتراكهما في كل الصّفات المميزة لهما (الرخاوة والهمس والترقيق)، بالإضافة إلى انزياح مخرج الشين(وسط الحنك) نحو الأمام حتى فويق الثنايا، متحوّلا بذلك إلى سين [s].
هذا من الناحية الصوّتية، أما من الجانب الخطي فيمكن تفسير ذلك بتشابه رسم الحرفين، إذ لا يميّز حرف الشين [š] عن حرف السين [s] سوى نقط الإعجام، فإهمالها يحول الشين سينا، وهي ظاهرة عامّة وشائعة في كتابات التلاميذ.
هذا، وقد لاحظ كانتينو(10) أن حرف الشين يقلب سينا في لهجات بعض المناطق الجزائرية مثل قسنطينة، الميلة... وكذا اللهجات المغاربيّة ومثاله :
شَجَرَة šajarat ← سَجْرَه sajrah
وكذا كلمة شَمْس šams التي تتحول إلى سمش samš نتيجة القلب المكاني، بحيث يتقدم فيها حرف السين ليأخذ مكان الشين، ويتأخر هذا الأخير ليحل محل السّين. ونتيجة لكل هذا، يمكن القول بأنّ استبدال حرف الشين [š] بالسين [s] يعود إلى سببين، الأول منهما، مرتبط بالخّط ومرده إلى تشابه رسم الحرفين، واختلافهما في نقط الإعجام فقط. أمّا الثاني، فهو خاص بالاستعمال، أي التداخل بين الفصحى والعاميّات.
وقد سجّلت ظاهرة استبدال حرف الشين [š] بحرف السين [s] نسبة قدرت بـ 1,80%من مجموع التحوّلات الصوتية المرصودة في المدوّنة، بينما كانت الظاهرة العكسّية (استبدال السين بالشين) قد سجلت نسبة 2,10% وبذلك يصير مجموع النسبتين الخاصّتين بهذين الحرفين هو 3,90%، وهي نسبة ذات دلالة تستدعي اتخاذ إجراءات بيداغوجّية تتعلّق بالمعالجة.
2 ـ 3 المجموعة الثالثة:وتضمّ التحوّلات التي حازت على نسب ضعيفة تتراوح بين 0,30% و0,60%، وتتعلق بأزواج الحروف الآتية:
[ز – ص]، [د – ص]، [د – ل]، [س – ت]، [ر – و]، [ل – ن]، [كـ -ق]، [ء – هـ]، [هـ – ع]، [ت – ن]، [س – ز]، [ص – ز]، [ب – ي]، [ر– ل]، [ ج – ش ]، ونوضّحها بما طرأ على هذا الزوج الأخير.
2 ـ 3ـ 1 استبدال حرف الجيم [j] بحرف الشين [š]
مثال:
وَاشْتَمَعَ
وَاِجْتَمَعَ waštamaca
wajtamaca
إن استبدال حرف الجيم [j] ومخرجه وسط الحنك وصفاته: الشدّة والجهر والترقيق بحرف الشين [š] ذي المخرج نفسه والصفات: الرخاوة والهمس والترقيق، يرجع إلى اشتراك الحرفين في المخرج وفي صفة الترقيق.
وقد فقد الجيم [j] في المثال أعلاه صفتي الشدّة والجهر في مقابل اكتسابه لصفتي الرّخاوة والهمس، فتخلّى بذلك عن صفاته المميّزة وتحوّل إلى حرف الشين [š].
ويؤكّد كانتينو حدوث هذا النوع من التحولاّت الصوتية عندما يكون الجيم [j] مجاورا لحرف التاء، كما يشير إلى أنّ هذه الظاهرة الصوتية منتشرة بكثرة في دول شمال إفريقيا.(11)
هذا، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا النوع من الأخطاء قليل في المدوّنة، بحيث لا تتجاوز نسبته 0,30 % من مجموع تحوّلات الأخطاء الصوتيّة.
2 ـ 3ـ 2 استبدال حرف الشين [š] بحرف الجيم [j]
مثال:
5012 انْدَهَجَتْ
اِنْدَهَشَتْ indahajat
indahašat
يعود استبدال حرف الشين [š] بحرف الجيم [j] إلى اشتراك الحرفين في المخرج (وسط الحنك) وفي صفة الترقيق، وفقدان الشين [š] لصفتي الرّخاوة والهمس في مقابل اكتسابه لصفتي الشدّة والجهر مما حولّه إلى جيم [j].
والجدير بالذكر أن هذه الظاهرة قد وجدت في اللّهجات العربيّة القديمة، إذ أشار إليها النحاة العرب قديما.
وقد سجّل هذا النّوع من التحوّلات الصوتيّة نسبة قدرت بـ 0,30 %من مجموع التحوّلات المرصودة في المدوّنة، وهي النسبة نفسها الّتي سجلتها الظاهرة العكسية (استبدال الجيم [j] بالشين [š]) ، ممّا يجعل النسبة الإجمالية للتحولات في هذا الزوج من الحروف 0,60%.
انطلاقا من هذا التصنيف، يتبيّن أنّ التحوّلات الواردة في المجموعة الأولى قد سجّلت نسبا مرتفعة قدّرت على سبيل المثال بـ 31,12 % بالنسبة إلى حرفي الدال والذال و20,41 %بالنسبة إلى حرفي السين والصّاد، الأمر الذي يشكل خطورة على استقرار النظام الصوتي العربي بالإضافة إلى ما ينجم عن هذه التحولات من انحرافات في المستوى الدلالي، مما يتطلب التّفكير العاجل في معالجة هذه الظاهرة، وذلك بتزويد المعلّمين بوسائل تعليميّة كفيلة بالحد من انتشار هذه الظاهرة وبالتالي القضاء عليها.
أمّا بالنسبة إلى تحولات المجموعة الثانية، فإنّ نسبها ذات دلالة هي الأخرى، إذ تتراوح بين0,90 % بالنسبة إلى حرفي الطاء والدال و03,90 % بالنسبة إلى حرفي السين والشين. وهنا أيضا ينبغي اللجوء إلى بيداغوجية تصحيحيّة تأخذ في الاعتبار كل التحوّلات الصّوتية التي تمّ إحصاؤها، مع مراعاة بنية الخط العربي من جهة، والتأثير المحتمل للهجات العربيّة وغير العربية على النطق الصّحيح من جهة أخرى.
وأخـيرا فإنّ النّسـب المسجّلة في المجموعة الثالثـة، هي نسب ضعيفة لا قيـمة دلاليّـة لها من الناحيـة الـبيداغوجيـة، فهي تـتراوح ما بين 0,30 % بالنسبة إلى الزوج [ظ– ص] على سبيـل المثال و0,60 % بالنسبة إلى الزوج [ج – ش]، وعلى الرغم من ضعف هذه النسب فإنّها قد تكون جديرة ببحث معمّق في مجالات علمية أخرى كعلم النفس اللغوي.
3ـ نسب التحولات الصوتية في الحروف
يوضّح الرسم البياني التالي أبرز الحروف التي اعترتها التحوّلات الصوتية، وبالتالي تلك التي يجد التّلميذ صعوبة في نطقها وكذا درجة هذه الصعوبة.
يظهر من هذا الرسم البياني أن حرف الذال يطرح صعوبة نطقيّة أكثر من غيره من الحروف حيث سجّل نسبة قدّرت بـ 27,92 % من مجمل التحولات المرصودة في المدوّنة ويأتي حرف الصاد في المرتبة الثانية بنسبة 15,31 % ثم حرف الطاء بـ 13,2 %، أمّا المرتبة الرّابعة فيحتلها حرف الظاء بـ 11,4 %، لتليه الحروف (س)، (د)، (ض) بـ 8,7 %، 8,4 % ، 4,5 % على الترتيب، وأخيرا حرف الهاء بـ 0,30 %.
نستنتج ممّا ذكرنا أن الحروف [ ذ – ص – ط – ظ – س – د – ض ] هي التي تشكل أكبر صعوبة في مستوى النطق، إذ تطرأ عليها تحوّلات كثيرة ومختلفة، ويترتب عن ذلك في أغلب الأحيان خلل في مستوى النّظام اللّغوي، خصوصا فيما تعلّق بالمستوى الدّلالي.
أخيرا، يمكننا أن نؤكّد أنّ التّحولات المسجّلة في مدونتنا تتمثّل عموما في استبدال الحرف المكتسب نسبيا (الأقل اكتسابا) أو الحرف الّذي لم يرسخ نهائيا في النظام الصّوتي للتلميذ بحرف آخر قريب منه، تمّ اكتسابه فعليا، وهذا ناجم في غالب الأحيان عن غياب التقابل في الّصفات التالية:
* الشدّة الرخاوة
* الجهر الهمس
* التفخيم الترقيق
* الغنّة عدم الغنّة
وكذا التحوّل من مخرج إلى آخر.
3 ـ 1 عدم إدراك التقابل في الصفات: ويتجسّد في:
• استبدال حرف شديد بحرف رخو، ومثاله:
ء هـ
د ذ – ص – ظ - ض
ب ي
ن ل
• استبدال حرف رخو بحرف شديد، ومثاله:
ذ د
ض ط – د
ث ت
ظ ط – د
ي ب
ل ن
• استبدال حرف مجهور بحرف مهموس، ومن أمثلته:
ج ش
ظ ص
ع ح
د ص
• استبدال حرف مهموس بحرف مجهور، ومن أمثلته:
ش ج
هـ ع
س ز
ت ن
ص ز
• استبدال حرف مفخم بحرف مرقق، ومثاله:
ط ت - د
ض ذ – د
ظ ذ – د
ص س – ث – ز
• استبدال حرف مرقق بحرف مفخّم، ومثاله:
د ص – ظ – ض
ض ص – ض
ت ط
س ص
• استبدال حرف غير أغنّ بحرف أغنّ، ومثاله:
ل ن
ت ن
• استبدال حرف صفيرى بحرف متفشّي Chain tante، ومثاله:
س ش
• استبدال حرف متفشّي بحرف صفيري، ومثاله:
ش س
• استبدال حرف غير صفيري بحرف صفيري، ومثاله:
د ص
ط ص
• استبدال حرف منحرف بحرف مكرّر، ومثاله:
ل ر
• استبدال حرف مكرّر بحرف منحرف، ومثاله:
ر ل
• استبدال حرف مكرّر بحرف غير مكرّر، ومثاله:
ر و
3 ـ 2 التحوّل من مخرج إلى آخر:
• تحوّل من أقصى الحنك إلى اللّهاة، ومثاله:
ك ق
• تحوّل من أطراف الثنايا إلى الأضراس العليا حتّى الثنايا، ومثاله:
ظ ض
• تحوّل من الأضراس العليا حتّى الثنايا إلى أطراف الثنايا، ومثاله:
ض ظ – ذ
• تحوّل من أقصى الحلق إلى وسط الحلق، ومثاله:
هـ ع
ويبيّن ما عرضناه أثناء التّحليل عدم تمييز التّلاميذ بين الحرف المجهور والمهموس، الحرف الشديد والحرف الرخو، الحرف الأغنّ وغير الأغنّ، الحرف المفخّم والمرقق ... وهو ما يؤكّد أهميّة وخطورة التحوّلات الصوتية المستخرجة من المدوّنة، وما يبرز في الوقت نفسه مشكلا من أكبر المشاكل التي تعترض تعليم اللغة العربيّة، والّتي مردها إلى عدم تحكم التّلاميذ في نظامها الصوتي. ويعود ذلك إلى أسباب مختلفة، كنّا قد ذكرنا بعضها أثناء التحليل ونضيف إليها عاملا آخر لا يقل أهميّة عنها يتمثل في المعلّم، أي طريقة تأديّته لحروف العربيّة الّتي يعلّمها، والّتي يفترض أن تكون نموذجا يقتدي به التّلميذ، علما أنّ هذه التأديّة تتأثر بلهجته (Diglossie) عندما يتعلق الأمر بتوجيه خطابه بلغة عربّية فصيحة، وهو ما يؤثر لا محالة في تأديّة التلاميذ لمختلف الحروف.
إنّ القضاء على هذه المشكلة وبالتالي تحقيق مردودية أكبر في تعليم اللغة العربيّة، في جانبها الصّوتي خاصة، يتطلب إجراءات بيداغوجيّة استعجاليّه تصبّ في اتّجاهات ثلاثة هدفها واحد؛ يقتضي الإجراء الأول، القيّام بدراسة وصفيّة دقيقة للنظام الصوتي العربي بغرض تحديد مخارج حروف لغة المدرسة وصفاتها.
وفي ظل هذا، يبقى الوصف الدّقيق للنظام الصّوتي الخاص باللّغة العربيّة المعاصرة ضرورة ملّحة ينبغي تحقيقها، وليس ذلك بالأمر الهيّن نظرا لتأثر هذا النّظام بطريقة استعمال العرب له في لهجاتهم المختلفة، ونتيجة لهذا، ينبغي تحديد النظام الصوتي الخاص بلغة التعليم عندنا.
ويتمثل الإجراء الثاني في إدراج مادة الصوتيات العربيّة ضمن برامج تكوين معلّمي المرحلة الأساسية الجدد، أمّا بالنسبة إلى المتواجدين في الميدان، فيجب أن تنظم لهم دورات تكوينيّة لتمكينهم من المعارف النظريّة والتطبيقية الخاصّة بالصّوتيات العربيّة وكذا الوسائل التعليميّة التي تسمح لهم بمعالجة التحولات الصّوتية التي تصيب مدرج الكلام عند تلاميذهم. ومن هذا المنطلق وجب عدم قبول أي ترشح لوظيفة تعليميّة يكون صاحبها مصابا بعاهة صوتية تعوق أداء مهامه.
أمّا الإجراء الثالث فيتطلب تبني بيداغوجيّة تصحيحيّة تعتمد على التمارين الصّوتية يكون الغرض منها مساعدة التّلاميذ على تصحيح مخارج الحروف وصفاتها التي كانت عرضة لتحوّلات كثيرة.بالإضافة إلى الاكتشاف المبكّر للتلاميذ الّذين يعانون من الأفازية أو غيرها من أمراض الكلام قصد تحويلهم إلى مصالح خاصة بمعالجة أمراض الكلام.
إنّ تطبيق هذه الإجراءات الثلاثة من شأنه حل مشكلة التحكم في النّظام الصّوتي العربي من جهة، ورفع مردوديّة تعليم اللغة العربيّة في بلادنا من جهة أخرى.
لقد حاولت هذه الدراسة تشخيص ظاهرة الأخطاء اللغوية في المستوى الصّوتي، كونها تسمح بتحليل استراتيجيات التعلّم، وقد تمكّنت من الوقوف على مجموعة من العوامل الفاعلة في تفشّي الظاهرة، واستخلاص جملة من النتائج لعلّ أهمها أنّ الخطأ الصوتي وإن تعلّق أساسا بالمنطوق، فإنّ آثاره تنعكس على مستوى المكتوب، وهو يعني خرق النظام الصوتي للغة من حيث مخارج الحروف وصفاتها... ويواجه تلاميذ نهاية المرحلة الابتدائية صعوبات كبيرة في التمييز بين بعض الحروف من حيث مخارجها بسبب عدم تمثلّهم السمعي لنطقها السليم، ممّا ينعكس على مستوى رسم شكلها... كما لا يميّز معظمهم بين صفات هذه الحروف لكونهم لا يتمثّلونها، وهم يستخدمون في استبدالها استراتيجيات: الإضافة والحذف والتعويض، ممّا يكون له انعكاس على المستوى الدلالي.
وقد كانت أكثر الأخطاء الصّوتية شيوعا في كتابات التلاميذ تلك المتعلقة بالأزواج الآتية:
[ د ذ ] - [ س ص ] - [ ظ ض ] - [ ت ط ]، ولذلك فإنّنا نقترح اعتماد طريقة التمارين الصوتية لمعالجة هذه الأخطاء وذلك من خلال تدريب التلاميذ على التمييز نطقا بين زوج الحروف الذي يطرح إشكالا عن طريق المقابلة بينهما في كلمتين يكون فيهما للصوتين المقصودين دور تمييزي، مثل: صورة – سورة، بالإضافة إلى إعادة النظر في برامج تكوين المعلمين بإدراج مادتي اللّسانيات والصّوتيات وكذا بيداغوجيا الخطأ وبيداغوجيا الدّعم.
هوامش:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تطوير مناهج تعليم الكتابة والإملاء في مراحل التعليم العام في الوطن العربي، تونس، 1983.
(2) المصطفى بن عبد الله بوشوك، تعليم وتعلّم اللّغة العربية وثقافتها، الهلال العربية، الرباط، 1990.
(3) انظر: ربيعة جعفري، الخطأ اللغوي في المدرسة الأساسية الجزائرية، مشكلاته وحلوله، دراسة نفسية لسانية تربوية، ديوان المطبوعات الجزائرية، بن عكنون، الجزائر، 2003.
(4)انظر:
Jaqueline Zwobada, née Rosel, Difficultés d’apprentissage de la lecture en langues arabe chez l’écolier algérien, DEA, Institut de linguistique et de phonétique, Alger,1975.
(5)انظر: سيبويه، الكتاب، تحقيق عبد السلام محمد هارون، عالم الكتاب، بيروت، 1983، ط.3، ج: 4، ص:357، 371، 387، 427.
(6)المرجع نفسه، ص: 237.
(7)ابن جنّي، سر صناعة الإعراب، دراسة وتحقيق حسن هنداوي، دار القلم، دمشق، 1993، ج:1، ص:281.
( عبد الرحمان حاج صالح، السماع اللغوي العلمي عند العرب ومفهوم الفصاحة، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر، 2007، ص:233.
(9) W, MARCAIS, Le dialecte arabe des uled Brahim de Saida, Honore champion, Alger, 1908, P : 21
(10) Jean, Cantineau, Etudes de linguistique arabe, Librairie klincksieck, Paris, 1960, P :63
(11) Jean,Cantineau, Etudes de linguistique arabe ,p :59
مواضيع مماثلة
» مفاهيم التّداوليّة وأسسها عند جورج يول –الخطاب والثّقافة أنموذجا-
» رسُل الغزو الفرنسي إلى الجزائر: التنصير أنموذجا عرض ونقد
» المرأة في الخطاب الشعري الحماسي الجزائري الأمير عبد القادر أنموذجا
» المـــــديح الديني في الشعــــــر الشعـــــبي الجزائري في تبسة (أحمد بن سعد أنموذجا)
» النص السردي العربي بين الهوية والنظرية -القراءة السيميائية المغاربية أنموذجا-
» رسُل الغزو الفرنسي إلى الجزائر: التنصير أنموذجا عرض ونقد
» المرأة في الخطاب الشعري الحماسي الجزائري الأمير عبد القادر أنموذجا
» المـــــديح الديني في الشعــــــر الشعـــــبي الجزائري في تبسة (أحمد بن سعد أنموذجا)
» النص السردي العربي بين الهوية والنظرية -القراءة السيميائية المغاربية أنموذجا-
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى